تناهوا في نهاية كل مجد * فطهر خلقهم وزكوا وطابوا ودادهم صراط مستقيم * ولكن في مسالكه عقاب ولا سيما أبو حسن علي * له في الحرب مرتبة تهاب طعام سيوفه مهج الأعادي * وفيض دم الرقاب لها قراب هو النبأ العظيم أبو تراب * وباب الله وانقطع الخطاب هو البكاء في المحراب ليلا * هو الضحاك ان جد الضراب كان سنان ذابله ضمير * فليس عن القلوب له ذهاب وصارمه كبيعته بخم * معاقده من الخلق الرقاب قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني أبو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة سنة 325 وانا املي شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني قال المؤلف الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت ع والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة وكان الناس الذين يكتبون عنه هم الشيعة لان جل أهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت قال وكان المتنبي إذ ذاك يحضر معهم وهو بعد لم يعرف ولم يلقب بالمتنبي فأمليت هذه القصيدة وقلت فيها:
كان سنان ذابله ضمير * فليس عن القلوب له ذهاب وصارمه كبيعته بخم * معاقده من الخلق الرقاب فلمحته يكتب هذين البيتين ومنهما اخذ ما أنشدتموني الآن من قوله:
كان الهام في الهيجا عيون * وقد طبعت سيوفك من رقاد وقد صغت الأسنة من هموم * فما يخطرن الا في فؤاد قال الخالع واصل هذا لأبي تمام:
من كل أزرق نظار بلا نظر * إلى المقاتل ما في متنه أود كأنه كان ترب الحب من زمن * فليس يعجزه قلب ولا كبد وسبق إلى ذلك ديك الجن في قوله:
فتى ينصب في ثغر القوافي * كما ينصب في المقل الرقاد قال ابن عبد الرحيم: حدثني الخالع قال كنت مع والدي في سنة 346 وانا صبي في مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة وهو غاص بالناس وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة وفي يده سطيحة وركوة ومعه عكاز هو شعث فسلم على الجماعة بصوت رفعه ثم قال انا رسول فاطمة الزهراء ص فقالوا مرحبا واهلا ورفعوه فقال أ تعرفون لي احمد المزوق النائح فقالوا ها هو جالس فقال رأيت مولاتنا ع في النوم فقالت لي امض إلى بغداد واطلبه وقل له نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه:
بني احمد قلبي لكم بتقطع * بمثل مصابي فيكم ليس يسمع عجبت لكم تفنون قتلا بسيفكم * ويسطو عليكم من لكم كان يخضع أقول وبعده:
فما بقعة في الأرض شرقا ومغربا * وليس لكم فيها قتيل ومصرع ظلمتكم وقتلتم وقسم فيئكم * ويسلمني طيب الهجوع فاهجع كان رسول الله اوصى بقتلكم * فأجسامكم في كل ارض توزع وهي بضعة عشر بيتا.
وكان الناشي حاضرا فلطم على وجهه وتبعه المزوق والناس كلهم، وكان أشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلى الناس الظهر وتقوض المجلس وجهدوا بالرجل ان يقبل شيئا منهم فقال والله لو أعطيت الدنيا ما اخذتها فاني لا ارى ان أكون رسول مولاتي ع ثم آخذ عن ذلك عوضا وانصرف ولم يقبل شيئا.
قال وحدثني الخالع: قال اجتزت بالناشي يوما وهو جالس في السراجين فقال لي قد عملت قصيدة وقد طلبت وأريد ان تكتبها بخطك حتى أخرجها فقلت امضي في حاجة وأعود وقصدت المكان الذي أردته وجلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح فقال لي أحب ان تقوم فتكتب قصيدة الناشي البائية فانا قد نحنا بها البارحة بالمشهد وكان هذا الرجل قد توفي وهو عائد من الزيارة فقمت ورجعت إليه وقلت هات البائية حتى اكتبها فقال من أين علمت أنها بائية وما ذاكرت بها أحدا فحدثه بالمنام فبكى وقال لا شك ان الوقت قد دنا فكتبتها فكان أولها:
رجائي بعيد والممات قريب * ويخطئ ظني والمنون تصيب ومن شعره قوله يرثي الحسين ع:
مصائب نسل فاطمة البتول * نكت حسراتها كبد الرسول الا بأبي البدور لقين كسفا * وأسلمها الطلوع إلى الأفول الا يا يوم عاشورا رماني * مصابي منك بالداء الدخيل كأني بابن فاطمة جديلا * يلاقي الترب بالوجه الجميل يجرر في الثرى قدا ونحرا * على الحصباء بالخد التليل صريعا ظل فوق الأرض أرضا * فوا أسفا على الجسم النحيل أعاديه توطأه ولكن * تخطاه العتاق من الخيول وقد قطع العداة الرأس منه * وعلوه على رمح طويل وقد برز النساء مهتكات * يحززن الشعور من الأصول فطورا يلتثمن بني علي * وطورا يلتثمن بني عقيل وفاطمة الصغيرة بعد عز * كساها الحزن أثواب الذليل تنادي جدها يا جد انا * طلبنا بعد فقدك بالذحول وله:
لقد كسرت للدين في يوم كربلاء * كسائر لا توسى ولا هي تجبر فاما سبئ بالرماح مسوق * واما قتيل بالتراب معفر وجرحى كما اختارت رماح وانصل * وصرعى كما شاءت ضباع وأنسر وقوله في أمير المؤمنين ع:
قد نصب الله لكم سيدا * بالرشد والعصمة مأمون الغلط أحاط بالعلم ولا يصلح ان * يدعى إماما من بعلم لم يحط من مثلكم يا آل طه ولكم * في جنة الفردوس والخلد خطط حب سواكم نفل وحبكم * فرض من الله علينا مشترط يا طود إفضال بعيد المرتقى * وبحر علم ما له يحويه شط كل الولاء الا ولاكم باطل * وكل جرم بولاكم منحبط وقوله:
ومن لم يقل بالنص منه معاندا * غدا عقله بالرغم منه يحاوله يعرفه حق الوصي وفضله * على الخلق حتى تضمحل بواطله وقوله:
ان الذي قبل الوصية ما اتى * غير الذي يرضي الاله وما اعتدى