مايعا أو جامدا، فإن كان مايعا كالخل والدهن والماء نظرت، فإن كان خروجه بحله مثل أن كان مطروحا على الأرض لا يمسكه غير شد الزق فعليه الضمان بلا خلاف، لأنه خرج بفعله، وإن جرى بعد الحل بسبب كان منه، مثل أن كان مستندا معه معتدلا فلما حله جرى بعضه فخف هذا الجانب وثقل الجانب الآخر، فوقع واندفق، أو نزل ما جرى أولا إلى تحتها قبل الأرض فلانت، فمال الزق فوقع، فاندفق ما فيه، فعليه أيضا الضمان ولأنه بسبب منه.
وإن اندفق ما فيه بفعل حادث بعد الحل، مثل أن كان مستندا فحله وبقي مستندا محلولا على ما هو عليه، ثم حدث ما حرك الزق من ريح أو زلزلة أو حركة النار فسقط فاندفق، فإن السبب يسقط حكمه، لأنه قد حصلت مباشرة وسبب غير ملجئ فيسقط حكمه بلا خلاف.
وأصل هذا الباب وما في معناه أنه إن فعل فعلا بيده كان الضمان عليه كما لو باشر القتل، وإن كان من سبب نظرت فإن كان ملجئا مثل أن حفر بئرا فوقع فيها انسان في ظلمة فعليه الضمان، وإن حصل به سبب وحدث بعده فعل سقط حكم السبب، ثم نظرت في المباشر إن كان مما يتعلق به الضمان ضمن كالحافر والدافع والممسك و الذابح، وإن كان مما لا يضمن فعله سقط حكمه كالطائر يذهب بعد وقوفه عندهم، وقد قلنا ما عندنا فيه.
وأما إن كان ما في الزق جامدا كالدقيق والسمن والعسل فحلها نظرت، فإن كان على صفة لو كان ما فيها مايعا لم يخرج وبقي بحالها ثم ذاب ما فيها فاندفع بسبب آخر فلا ضمان عليه، وإن كان على صفة لو كان مايعا خرج ثم ذاب بحر الشمس أو الصيف وخرج، فهل عليه الضمان؟ على وجهين: أحدهما لا ضمان عليه لأنه خرج بسبب بعد الحل، والثاني وهو الصحيح أن عليه الضمان لأن خروجه بسبب كان منه، لأنه حل الزق ولم يحدث بعد الحل مباشرة من غيره وإنما ذاب بحر الشمس، فإذا لم يحدث بعد حله فعل كان ذهابه بسراية فعله، كما لو جرح رجلا فسرى إلى نفسه ثم مات، فعليه الضمان.