فاستثنى التسعين من مائة، لأنه أمر بأن يؤدي عشرة دراهم، فعبر عنها بما قاله.
فإذا ثبت ذلك فالاستثناء إذا كان من جنسه كان حقيقة وإن كان من غير جنسه كان مجازا، ويكون بمعنى لكن، غير أنه يجوز استعمال ذلك، وفي الناس من قال هو مشترك حقيقة فيهما وفي الناس من قال لا يجوز هذا الاستثناء، وقد تكلمنا على ذلك في أصول الفقه.
فإذا ثبت ذلك فإذا قال: له على ألف إلا درهما فإذا حملناه على حقيقته فقد أقر بتسعمائة وتسعة وتسعين درهما، ومن قال هو مشترك يقول له فسر الألف بما يبقى منه بعضه بعد استثناء الدرهم منه، فإذا فسره بألف جوزة أو بيضة أو باذنجان أو نبقة أو غير ذلك نظر فإن بقي بعد استثناء الدرهم من قيمته شئ صح ذلك، وإن لم يبق شئ منه قالوا فيه وجهان:
أحدهما أن الاستثناء لا يبطل، ويكلف تفسير الألف بما يبقى منه شئ بعد استثناء الدرهم من قيمته، لأن الاستثناء قد ثبت، فلا يبطل بتفسيره الذي لا يقبل والثاني أنه يبطل الاستثناء، لأنه فسر الألف بما لا يصح استثناء الدرهم منه لأنه لا يبقى منه شئ، فيصير كأنه أقر بشئ واستثنى جميعه، فيبطل الاستثناء، و يلزمه ما أقر به هذا إذا استثنى معلوما من ألف مجمل فأما إذا استثنى مجهولا من معلوم مثل أن يقول: له على ألف درهم إلا ثوبا، فالثوب مجهول، والألف معلومة، فإذا كان كذلك كلف أن يبين قيمة الثوب، فإذا بينها بما يبقى بعد استثنائه من الألف المعلوم شئ، وإن قل قبل ذلك منه، وإن بينها بألف فإنها يستغرق جميع المستثنى منه، فيكون على الوجهين اللذين ذكرناهما فأما إذا كانا مجهولين مثل أن يقول له علي ألف إلا شيئا أو ألف إلا عبدا أو ثوبا كلف تفسيرهما.
هذا كله إذا استثنى مرة واحدة فأما إذا استثنى مرتين نظر فإن عطف الثاني على الأول بواو العطف كانا جميعا من الجملة الأولة المستثنى منها، وإن لم يعطف الثاني