على الأول بواو العطف كان الاستثناء الثاني راجعا إلى ما يليه من الاستثناء.
فأما إذا كان بينهما واو العطف مثل أن يقول على عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، كان ذلك استثناء الخمسة من العشرة.
وأما إذا لم يعطف الثاني على الأول مثل أن يقول له على عشرة إلا خمسة إلا اثنين فيكون قد استثنى الاثنين من الخمسة، فبقي ثلاثة، فيكون قد استثنى ثلاثة من العشرة فيلزمه سبعة ويدل عليه قوله تعالى " قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين " (1) فاستثنى آل لوط من القوم، واستثنى امرأته من آل لوط من غير حرف العطف فكان راجعا إلى الاستثناء الذي يليه دون المستثنى منه، ويفارق ذلك إذا كان معطوفا بواو العطف، لأن العطف يجعل المعطوف بمنزلة المعطوف عليه، والمعطوف عليه يرجع إلى المستثنى منه، فيجب أن يكون الاستثناء الثاني راجعا إلى ما رجع إليه الاستثناء الأول.
إذا قال: لفلان هذه الدار إلا هذا البيت منها كان ذلك استثناء البيت، وكذلك إذا قال هذا الخاتم إلا فصه، فيكون استثناء للفص، ويصح ذلك كما يصح استثناء بعض العدد، وكذلك إذا قال هذه الدار لفلان وهذا البيت منها لي، أو له هذا الخاتم والفص منه لي كان ذلك بمنزلة الاستثناء لأنه معناه وأبين منه لأنه تصريح بمعنى الاستثناء هذا إذا وصل الاستثناء فأما إذا فصل بينهما بسكتة طويلة لم يصح، وكانت جميع الدار والخاتم بفصه للمقر له.
إذا قال: لفلان علي درهم ودرهم إلا درهما فعلى ما نذهب إليه أن الاستثناء إذا تعقب جملا معطوفة بعضها على بعض بالواو، أنه يرجع إلى الجميع يجب أن نقول إنه يصح ويكون إقرارا بدرهم، ومن قال يرجع إلى ما يليه فإنه يبطل الاستثناء، ويكون إقرارا بدرهمين لأنه إذا رجع إلى ما يليه وهو درهم لا يجوز أن يستثني درهما من درهم لأن ذلك استثناء الجميع وذلك فاسد فيبطل الاستثناء ويبقى ما أقر به وهو درهم، ودرهم