بيان كون الفطرة ينبغي أن تكون لذي الحاجة الشديدة كصدقات المرضى ونحوهم، وليس المراد من ذلك حصر مصرفها في المساكين الذين لا يجدون شيئا، خصوصا بعد قوله تعالى (1) " إنما الصدقات للفقراء " إلى آخره وقوله (عليه السلام) في صحيح الحلبي (2) " عن كل انسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين " بل قد يقال إنه مما يشملها لفظ الزكاة التي قد عرفت ما يدل على مصرفها، بل جزم به في محكي المنتهى حتى استدل به هنا، وبعد السيرة المستمرة على عدم اختصاصها بالمساكين، وربما كان الوجه في ذكر الفقراء في الصحيح المزبور باعتبار كونه المصرف الأعظم نحو ما ورد في زكاة المال، لا أن المراد الاختصاص، بل ربما يحمل على ذلك عبارة المقنعة، فتخرج المسألة عن الخلاف، قال: " ومستحق الفطرة هو من كان على صفات مستحق الزكاة من الفقراء أولا ثم المعرفة والايمان " بل هي مع عدم اختصاصها بالمساكين كما حكي عنه محتملة لإرادة بيان اعتبار ما تقدم في الزكاة في خصوص هذا الصنف من مصرفها، وهو كذلك بالنسبة إلى كثير مما تقدم، كعدم كونه من واجبي النفقة وعدم كونه هاشميا إلا إذا كان من عليه الفطرة هاشميا، وقد ذكرنا سابقا أن العبرة في ذلك بالمعيل دون العيال، لما تقدم من ظهور النصوص في كون الخطاب له أصليا لا تحمليا، فإذا كان هاشميا وعياله أعواما جاز له دفع الفطرة للهاشمي دون العكس، وإضافة الفطرة إلى أفراد العيال في بعض الأحوال إنما هو لأدنى ملابسة، على أنه معارض بإضافتها إلى المعيل أيضا، ودفع الموت بها عنهم إنما يقتضي كون ثمرتها لهم كالصدقة عن المريض، لا أن الخطاب بها لهم وإن تحملها المعيل عنهم، ضرورة القطع بفساده بملاحظة النصوص التي صرحت بوجوبها على المعيل عن
(٥٣٩)