ما أومأ إليه السيد بمعاوضة حرمة الزكاة بالخمس المتمكن منه، فمع عدم الوصف تسقط المعاوضة، ويكون حالهم كحال باقي الفقراء وإن تمكنوا من غيره مما هو حلال لهم، وفيه أن الثابت من المعاوضة بالنسبة إلى الحكم أي حرم عليهم الزكاة وعوضهم بفرض الخمس على الناس من غير مدخلية للتمكن وعدمه، وسوى قصور تناول أدلة التحريم لمثل الفرض، فيبقى عموم أدلة الزكاة بحاله، وفيه منع واضح، كوضوح المنع للاستدلال باطلاق خبر أبي خديجة (1) الذي خرج منه حال التمكن من الخمس بالاجماع، فيبقى غيره، ضرورة كونه من قسم المأول الذي ليس بحجة عندنا، على أن ذلك كله تقرير صناعي إذا اختبرته لم تجد إذعانا للقلب منه بشئ، خصوصا بعد ورود موثق زرارة (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة، إن الله جعل لهم في كتابه ما فيه سعتهم، ثم قال: إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة، والصدقة لا تحل لأحد منهم إلا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة " وظاهره اعتبار شدة الحاجة في جواز التناول، وأن المتناول مقدار الضرورة، كالمتناول للميتة لمن اضطر إليها، ومن هنا حكي عن الآبي التقدير بسد الرمق، لكن قد يقال:
إن المراد من ذلك التشبيه لا كونه كذلك حقيقة، فينتقل منه حينئذ إلى أقرب المجازات ولذا قدره ابن فهد في المحكي عنه بقوت يوم وليلة لا مؤونة السنة، لأن الخمس لا يملك منه ما زاد عن مؤونة السنة، وهو له طلق، فكيف ما لا يحل له إلا للضرورة، وزاد آخر إلا مع عدم اندفاع الضرورة إلا به، كأن لا يجد في اليوم الثاني ما يدفعها به.
فالذي يقوى في النظر عدم جواز التناول إلا مع شدة الحاجة، ويمكن حمل كلام كثير من الأصحاب على ذلك وإن قصرت عبارتهم عن التأدية، كما يومي إليه ما في