" كأن أهل المدينة يأتون بصدقة فطر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيه عذق يسمى الجعرور وعذق يسمى معافارة عظيم نواهما دقيق لحماهما في طعمهما مرارة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للخارص: لا تخرص عليهم هذين اللونين، لعلهم يستحون لا يأتون بهما، فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم - إلى قوله - تنفقون " (1) وفي خبر أبي بصير (2) المروي في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: " يا أيها الذين " إلى آخره، قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أمر بالنخل أن بزكي يجئ قوم بألوان من التمر وهو من أردى التمر يؤدونه عن زكاتهم تمرا يقال له الجعرور والمعافارة قليل اللحم عظيم النوى وكان بعضهم يجئ بهما عن التمر الجيد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تخرصوا هاتين التمرتين، ولا تجيؤوا منهما بشئ، وفي ذلك نزل " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه " والاغماض فيه أن يأخذ هذين التمرتين " ونحوه خبر شهاب (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) المروي عن مستطرفات السرائر.
والجميع كما ترى خاص في النخيل والكرم، لكن في الخلاف " يجوز الخرص على أرباب الغلات وتضمينهم حصة المساكين " وظاهره الجواز في غيرهما، كما هو خيرة جامع المقاصد وكشف الأستاذ ومحكي التلخيص، بل في المدارك نسبته إلى الشيخ وجماعة بل عن التلخيص أنه المشهور، خلافا لمحكي المعتبر والمنتهى والتحرير وظاهر المبسوط وغيره والإسكافي فلم يجوزوه في غيرهما، اقتصارا على مورد النص فيما هو مخالف للقواعد من وجوه، ولأن الزرع قد يخفى خرصه، لاستتار بعضه وتبدده بخلاف النخل والكرم فإن ثمرتيهما ظاهرة يتمكن الخارص من إدراكها والإحاطة بها، ولأن الحاجة في النخل