منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٤٨٠
ذلك ممنوعة كما سيتضح.
وأما ثانيا، فلانه يلزم لغوية تشريع الوجوب النفسي، إذ الغرض من التكليف احداث الداعي إلى امتثاله وبعث المكلف وتحريكه نحوه، ومن الواضح أن الدعوة والتحريك فرع تنجز التكليف المترتب على وصوله إلى العبد، والمفروض أنه بالعلم الموجب لوصوله إليه ينقلب من النفسية إلى الغيرية، فلا يكون هذا التكليف النفسي في آن من الآنات محركا للعبد وباعثا له حتى يتمكن من امتثاله، بل لا يقدر عليه في شئ من الأزمنة، فيلزم لغوية تشريع مثل هذا الوجوب.
والحاصل: أن التكليف لا بد في محركيته من وصوله إلى المكلف اما بنفسه واما بطريقه، فالتكليف الذي لا يمكن وصوله إلى العبد - لانقلابه بسبب وصوله إليه - يلغو تشريعه كما لا يخفى.
وأما ثالثا: فلان لازم الانقلاب المزبور اختصاص الوجوب النفسي بالجهل، إذ لازم عدم بقاء الوجوب النفسي عند العلم به تقيد الوجوب بالجهل، وهو بمكان من الغرابة، بل مستحيل، وذلك لان موضوعية الجهل للوجوب النفسي تقتضي تقدمه عليه كتقدم كل موضوع على حكمه، كما أن عروض الجهل للوجوب كعروض العلم له يقتضي تأخره عنه كتأخر كل عروض عن معروضه. وعليه فالجهل متقدم على الوجوب ومتأخر عنه، وهذا ممتنع.
وأما رابعا: فلان العلم حين حدوثه هل يكون متعلقا بالوجوب النفسي أم الغيري؟ فعلى الأول يلزم أن لا يكون العلم بحدوثه موجبا للانقلاب، بل الموجب له وجود العلم بقاء لا حدوثا، وهذا خلاف ظاهر كلامه، لظهوره في انقلاب النفسية إلى الغيرية بحدوث العلم لا بقائه.