منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٣٨١
فعلى القول بتنجز المعلوم بالاجمال بحدوث العلم إلى الأبد، فالعلم الاجمالي باق على تنجيزه، ولا يرفع العلم التفصيلي أثره. وعلى القول بإناطة تنجز المعلوم بالاجمال بوجود العلم في كل آن، لعدم كون حجيته تعبدية يجري عليهما حين حدوث العلم التفصيلي حكم التقارن، فيسقط العلم الاجمالي عن التنجيز، ويختص وجوب الاجتناب بالمعلوم تفصيلا، فلو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين، ثم علم تفصيلا بنجاسة أحدهما المعين لم يجب الاجتناب إلا عن ذلك المعين، إذ لا منجز لوجوب الاجتناب عن الطرف الآخر على تقدير نجاسته واقعا.
ثم انه لا فرق في انحلال العلم الاجمالي حكما بالعلم التفصيلي بين اتفاق التكليفين المعلومين إجمالا وتفصيلا صنفا كالنجاسة، وبين اختلافهما كذلك كالنجاسة والغصبية، فإذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وعلم بغصبية أحدهما المعين وجب الاجتناب عن المغصوب بترك الشرب والوضوء وسائر التصرفات المحرمة في مال الغير بدون اذنه، وجاز التصرف في الاناء الاخر بالشرب والوضوء، لان المدار في التنجز هو العلم بالتكليف الفعلي المفقود في الطرف الآخر المشكوك فيه.
نعم يعتبر في الانحلال الحكمي أن لا يتعرض العلم التفصيلي لتعيين المعلوم بالاجمال، إذ لو كان متعرضا له كما إذا علم تفصيلا بأن النجس المعلوم إجمالا الصالح للانطباق على الاناء الأبيض والأحمر هو خصوص الأبيض، فلا إشكال في انحلال العلم الاجمالي حينئذ حقيقة بالعلم التفصيلي اللاحق، دون السابق والمقارن، لأنهما مانعان عن حصول العلم الاجمالي رأسا، فيشترط في الانحلال الحكمي قيام العلم التفصيلي على ثبوت الحكم في بعض الأطراف من دون