منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٧١
على جهتين: الأولى في معنى الإباحة التي تستفاد من كلمة (مطلق).
الثانية في نفي معنى الصدور عن الورود الذي هو مورد الاستدلال بهذا الحديث، وإثبات أن الورود بمعنى الوصول، لأنه النافع في مسألة البراءة، إذ الورود بمعنى الصدور بإرادة إباحة ما لم يصدر فيه نهي واقعا أجنبي عن البراءة ودليل لإباحة الأشياء قبل الشرع.
أما الجهة الأولى فمحصلها بتوضيح منا: أن الإباحة المدلول عليها بقوله عليه السلام: (مطلق) اما عقلية بمعنى اللا حرج العقلي، في قبال الحظر العقلي لكونه عبدا مملوكا، واما شرعية، وهي اما واقعية ثابتة لذات الموضوع لخلوه عن المصلحة والمفسدة، وإما ظاهرية ثابتة للموضوع بما هو مشكوك الحل والحرمة، فالاحتمالات ثلاثة:
أما الاحتمال الأول وهو الإباحة بمعنى اللا حرج العقلي، فحاصل الكلام فيه: صحة جعلها مغياة بعدم صدور النهي واقعا، لان الملحوظ فيه حال العقل مع الغض عن الشرع، ومن المعلوم أن غايته صدور النهي من الشارع سواء وصل إلى المكلف أم لم يصل. لكن حمل الإباحة على هذا المعنى الذي يحكم به عقل كل عاقل بعيد غير مناسب للإمام عليه السلام المعد لتبليغ الاحكام خصوصا بملاحظة أن الخبر مروي عن الإمام الصادق عليه السلام بعد ثبوت الشرع وإكمال الشريعة سيما في المسائل العامة البلوى التي يقطع بصدور أحكامها عن الشارع، فلا فائدة في جعل الإباحة مع قطع النظر عن الشرع.
وأما الاحتمال الثاني وهو الإباحة الواقعية فمحصله: أنه لا يعقل ورود حرمة في موضوعها، للزوم الخلف، إذ المفروض لا اقتضائية الموضوع للمصلحة