منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٩٧
مفهوما وعينه خارجا.
والحاصل: أن المجعول الشرعي يقتضي أن يوجد الداعي في المكلف إلى موافقته، ولا يمكن أن يكون داعيا حال الجهل إلا بنصب الطريق أو بإيجاب الاحتياط. وعليه فإيجاب أحدهما لأجل التنجيز مما يقتضيه التكليف بلحاظ احداث الداعي للعبد، فالتنجز المنوط بالوصول إلى المكلف وان لم يكن من مراتب الحكم كما تقدم في بعض التعاليق، لكنه من أوصافه، وكل موصوف يقتضي وصفه، فالحكم المجهول مقتض لوصفه وهو التنجز المتوقف على إيجاب الاحتياط، فيصح رفعه برفع التكليف المجهول تعبدا، لكونه من أوصافه.
وعليه فليس إيجاب الاحتياط مقدميا ولا إرشاديا ولا نفسيا، حتى يرد على الأول أولا: أن الوجوب المقدمي معلول لوجوب ذي المقدمة، فيتبعه ثبوتا وفعلية وتنجزا، فلا يعقل أن يتنجز وجوب ذي المقدمة من قبله.
وثانيا: أن الاحتياط ليس مقدمة وجودية لما تعلق به التكليف، بل هو عنوان له، فلا اثنينية بينهما وجودا حتى ينطبق عليه عنوان المقدمة الوجودية فيجب بوجوبه.
وعلى الثاني: أن الارشاد إلى ترتب استحقاق العقاب على مخالفة الواقع المجهول فرع تنجزه، والمفروض أنه لا منجز له إلا الامر الارشادي بالاحتياط.
وعلى الثالث أولا: أن مقتضى النفسية تنجز نفس وجوب الاحتياط بوصوله دون الواقع المجهول، وهو خلف.
وثانيا: أنه يلزم اجتماع وجوبين نفسيين على واحد، إذ الاحتياط في محتمل الوجوب انما هو بفعل الواجب، وهو غير معقول.