منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٩٦
ومقتضياته حتى يكون التعبد برفعه تعبدا برفع إيجاب الاحتياط لا يخلو من الاشكال، ضرورة أن المقتضي بجميع معانيه أجنبي عن المقام، إذ لو كان بمعنى السبب فلان السبب الفاعلي لكل حكم هو الحاكم، ولو كان بمعنى الغاية فلان مورده هو الفوائد التي يدعو تصورها إلى إيجاد ما يقوم بتلك الفوائد كالجلوس المترتب على السرير خارجا، والداعي تصوره إلى إيجاد السرير، ومن المعلوم أن التكليف المجهول ليس من الفوائد المترتبة على إيجاب الاحتياط حتى يكون تصوره داعيا إلى إيجابه. ولو كان بمعنى مطلق ما يترتب عليه الأثر الشامل لكل حكم يترتب على موضوعه، فلان إيجاب الاحتياط ليس حكما متعلقا بالحكم الواقعي تعلق الحكم بموضوعه.
وبالجملة: فالسبب بجميع معانيه أجنبي عن التكليف المجهول.
فالأولى أن يقال: ان الملاك كما يدعو إلى تشريع الحكم الواقعي كذلك يدعو إلى ما يوجب وصول الحكم إلى المكلف، إذ لا يستوفي الملاك بمجرد جعل التكليف، بل لا بد في استيفائه من إيصال الحكم إلى المكلف، فكل من التكليف المجهول وإيجاب الاحتياط مسبب عن الملاك، فليس أحدهما ناشئا عن الاخر حتى يندرج في باب الاقتضاء.
أقول: لما كان الغرض من التكاليف احداث الداعي العقلي للمكلف، و يتوقف ذلك على وصولها إليه، ومن المعلوم أن وصولها إليه من صفات التكليف وكل موصوف يقتضي وصفه، فبهذه العناية يصح أن يقال: ان التكليف المجهول يقتضي اتصافه بالمحركية المتوقفة على وصوله إلى المكلف، ووصوله إليه في ظرف الجهل به منوط بنصب الطريق أو بإيجاب الاحتياط الذي هو غيره