التبادر موجبا للعلم بالوضع لزم الدور.
وأجاب عنه المحقق العراقي على ما نسب إليه، بان الموقوف فرد من العلم و الموقوف عليه فرد آخر منه، فلا دور حتى مع المعلوم كيف يعقل تعدد العلم.
وفيه: انه مع فرض وحدة المعلوم كيف يعقل تعدد العلم.
الصحيح - هو الجواب عنه بما هو معروف - وهو ان العلم بالوضع تفصيلا، يتوقف على التبادر الاجمالي الارتكازي، توضيح ذلك أن كل فرد من افراد أهل المحاورة يستعمل الألفاظ الدراجة في معان مخصوصة عند الابتلاء إليها وهو عالم بتلك المعاني بالارتكاز، ولكنه غافل عن خصوصيات معلومة، كغيرها من معلومات الانسان التي يغفل الانسان عن خصوصياتها مع كونها مرتكزة في ذهنه بالاجمال، فإذا كان في مقام معرفة معنى لفظ خاص يرجع إلى ذهنه ويفتش عن ما في ضميره فان رأى تبادر معنى عند اطلاق لفظ خاص من دون استناد إلى القرينة فيكشف له ان ذلك معنى ذلك اللفظ.
ويظهر مما ذكرناه من توقف التبادر على العلم الارتكازي، ان عدم التبادر ليس علامة المجاز إذ ليس كل واحد عالما بمعاني جميع ما يستعملها أهل المحاورة - حتى ما هو خارج عن محل ابتلائه - كما أن تبادر معنى لا يكون علامة كون غيره مجازا لاحتمال الوضع له أيضا مع عدم علمه به.
ثم انه لو كان لفظ ظاهرا في معنى، بمعنى انه كان يتبادر منه عند الاطلاق، ولكن شك في أن هذا التبادر، هل يكون من حاق اللفظ فيكون ذلك المعنى موضوعا له، أم يكون بواسطة القرينة فلا يكون موضوعا له.
فان كانت القرينة المحتملة عامة موجودة في جميع موارد استعمال اللفظ، لا يترتب ثمرة على النزاع في جريان أصالة عدم القرينة.
واما ان لم تكن كذلك فقد يقال انه يجرى أصالة عدم القرينة ويثبت بها ان هذا المعنى موضوع له، فيحمل عليه عند اطلاقه مجردا عن تلك القرينة.
وأورد عليه: تارة بمعارضتها مع أصالة عدم الوضع لذلك المعنى وأخرى، بان أصالة عدم القرينة لا تجرى في المقام، سواء كان مدرك أصالة القرينة بناء العقلاء، أو