بل مرادهما أن العلقة الوضعية، مختصة بصورة تعلق الإرادة بتفهيم المعنى. وان الدلالة الوضعية، مختصة بالدلالة التصديقية فيما قال كما هو صريح كلامهما في بحث الدلالات للإرادة بتبعية مقام الاثبات للثبوت لا حظ كلامهما. قال العلامة الطوسي (ره) في محكى شرح منطق الإشارات، في دفع انتقاض تعريف المفرد والمركب: دلالة اللفظ لما كانت وضعية، كانت متعلقة بإرادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع فما يتلفظ به ويراد منه معنى ما، ويفهم عنه ذلك المعنى: يقال: انه دال على ذلك المعنى وما سوى ذلك المعنى، مما لا تتعلق به إرادة المتلفظ. وان كان ذلك اللفظ، أو جزء منه بحسب تلك اللغة أو لغة أخرى أو بإرادة أخرى، يصلح لان يدل عليه. فلا يقال: انه، دال عليه. ونحوه، ما ذكره في محكى شرح حكمة الاشراق في باب الدلالات الثلاث.
قال الشيخ الرئيس في محكى الشفاء ان اللفظ بنفسه، لا يدل البتة. ولولا ذلك لكان لكل لفظ حق من المعنى لا يجاوزه، بل انما يدل بإرادة اللافظ.
وعلى ذلك، فما افاده العلمان متين جدا. وذلك على المختار في حقيقة الوضع من كونه بمعنى الالتزام والتعهد، واضح. فان متعلق التعهد والالتزام، لابد وأن يكون أمرا اختياريا. والامر غير الاختياري، لا يعقل ان يكون طرف الالتزام. وعليه، فلا محالة يكون التعهد، مختصا بصورة تفهيم المعنى وارادته من اللفظ. وليس بين ذات المعنى واللفظ مع عدم الإرادة، علقة وربط.
واما على القول: بان الوضع، عبارة عن جعل اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى، أو اعتبار وضع اللفظ على المعنى، فلانه وان أمكن ثبوت العلقة مع عدم الإرادة والقصد.
الا انه من جهة اختصاص فائدة الوضع، وهي الإفادة والاستفادة بصورة قصد التفهيم، فلا محالة تكون العلقة الوضعية، مختصة تبلك الحالة مع فرض كون الموضوع له هو طبيعي المعنى من دون تقييده بقيد. وما يرى من انتقال الذهن إلى المعنى عند سماع اللفظ من التكلم بلا اختيار، فإنما هو من جهة الانس لامن جهة العلقة الوضعية.