فهي غير موضوعة للنسبة الخارجية، كما هو المعروف، لعدم وجودها في كثير من الجمل الاسمية. مع أنه لا كاشفية لها من حيث هي عن تحقق النسبة في الخارج ولو ظنا. فما معنى كونها موضوعة لها؟ فلا محالة تكون موضوعة لما ذكرناه.
أقول: ما ذكره في الاخبار، من أنه موضوع لقصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع، أو نفيه عنه، أو لقصد الحكاية عن انتساب المبدأ بالذات بالنسبة التحققية، أو التلبسية، تام. ولا ينافي ما ذكرناه تبعا لجماعة من المحققين، من أن هذه الهيئات موضوعة كساير الهيئات والحروف للنسب الخاصة. إذ مرادنا، هو ذلك لأجل ان الوضع بما انه هو التعهد - كما عرفت - فلابد وان يتعلق بأمر اختياري. وهو التكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص. فالمراد من وضع الهيئة للنسبة، هو انه إذا تعلق القصد بتفهيم النسبة، يجعل مبرزها الهيئة. فتكون الجملة بنفسها، مصداقا للحكاية.
فهذا الذي ذكره، يؤيد ما اخترناه في وضع الحروف.
واما ما افاده: من أن الانشاء ليس عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ، وان ما أشهر من أن الانشاء، هو قصد تحقق المعنى باللفظ مجرد لقلقة اللسان، فهو على فرض الاخذ بما هو ظاهر هذا الكلام في بادي النظر، حق ومتين. ولكن يمكن ان يقال: ان مراد المشهور، كون الانشاء موجبها لوجود المعنى في عالم الاعتبار، أي اعتبار العقلاء. وعليه فهو حق لا سترة عليه. إذ لا ريب في أنه اعتبر المتبايعان - مثلا - ملكية شئ للمشتري بإزاء ملكية الثمن، تتحقق الملكية في اعتبار هما، وتتحقق في اعتبار العقلاء. وإذا أبرز هذا الاعتبار النفساني باللفظ، أو الفعل فبمقتضى البناء الارتكازي العقلائي الكلى تتحقق الملكية في عالم الاعتبار العقلائي. وليس المراد من ايجادية الانشاء، سوى ذلك. ولذا يقول المحقق الخراساني في فوائده: انه بالانشاء يوجد الملكية في الوعاء المناسب لها، بالنحو الذي توجد بالحيازة، والسبب الاضطراري، كموت المورث. وهذا امر متين لا سترة عليه.
واما ما افاده: من أن الانشاء ابراز امر نفساني باللفظ، غير قصد الحكاية، فلا يتم.
إذ البرهان الذي ذكره لعدم كون الجملة الخبرية مبرزة للنسبة الخارجية، من أنه لا كاشفية