في المقام بنحو يظهر ما في كلمات القوم أيضا، ينبني على بيان مقدمتين.
الأولى: انه إذا وجد فرد من الطبيعي في الخارج، فكما ان المهية الشخصية، موجودة في الخارج بتبع تحقق الوجود، كذلك يكون الطبيعي موجودا بوجوده. وبعبارة أخرى ان الوجود الخارجي بناء على أصالة الوجود، له حد مختص به. ولا يشترك فيه غيره، وهو المنشأ لانتزاع المهية الشخصية، وله حد آخر مشترك فيه مع غيره، وهو المنشأ لانتزاع المهية النوعية. وبتعبير ثالث، انه كما يكون المهية الشخصية معروض الوجود في التحليل العقلي، وفي مرحلة التصور، وعينه في الخارج كذلك يكون الطبيعي معروضة تصورا، وعينه خارجا. فإضافة الوجود إلى المهية الشخصية، كإضافته إلى الطبيعي من دون كون وجود الفرد واسطة لعروض الوجود على الطبيعي. ولذا يصح اطلاق الطبيعي - كالانسان - على كل فرد من الافراد بما له من المعنى المشترك بين الجميع.
الثانية: ان استعمال اللفظ، انما هو بايجاد الطبيعي في الخارج فانيا في معناه. بمعنى ان الفناء صفة للطبيعي لا الفرد الخارجي. ضرورة ان الشخص يكون بالوجود وفي مرحلة الاستعمال. فلا يعقل ان يكون هي المستعمل، وإلا لزم تأخر ما هو متقدم والواضع انما وضع الطبيعي لا الفرد.
إذا عرفت هاتين المقدمتين، تعرف انه لا يصح استعمال اللفظ في نوعه، إذ يلزم اتحاد الدال والمدلول. وهو محال. وما ذكره المحقق الأصفهاني (ره) من عدم استحالة ذلك، واستدل له بقوله (ع): يا من دل على ذاته بذاته. وقوله (ع): أنت دللتني عليك، غريب. إذا لدلالة في المقام، عبارة عن ابراز المعنى باللفظ، وكونه علامة له. فكيف تقاس بلالة الذات على نفسه التي هي اما بمعنى كون الذات دالا بخلقته، كما هو مقتضى قوله تعالى: كنت كنزا مخفيا فأحببت لان اعرف، فخلقت الخلق لكي اعرف. أو بمعنى كونه، هو الظاهر بنفسه وظهور غيره لابد وان ينتهى إليه. كما يشير إليه قوله (ع): ألغيرك من الظهور، ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ ولكن مع ذلك يصح اطلاق اللفظ وإرادة نوعه، لامن باب الاستعمال بل من باب احضار الموضوع في القضية الحقيقية بنفسه،