أقول الفرق واضح: فان فتوى المجتهد انما ينتهى أمد حجيتها بالموت مثلا، وهذا بخلاف الخبر فإنه لو ظفر المجتهد بما هو أقوى منه فإنه يوجب نقض الآثار السابقة من حيث اطلاق مضمونه واضمحلال الحجة الأولى لقيام الأقوى على خلافها. وان شئت قلت إنه بالظفر بالحجة الأقوى يظهر ان الحجة هي لا الخبر الأول: فيظهر اثر تنجزه فيما قبل من حيث التدارك.
واما فتوى الثاني فإنه وان علم بها المكلف لا تكون حجة عليه بل الحجة غيرها - وبالجملة - ان مفاد الحجة الأقوى للمجتهد هو كون ما فعله على طبق الحجة الأولى كان باطلا في الواقع وان كان معذورا في مخالفته، وليس كذلك فتوى المجتهد للمقلد فإنه لو سئل المقلد عن مقلده هل كان عملي في السابق بنظرك باطلا، يجيب كلا بل لو كنت فاعلا على ما أراه صحيحا كان باطلا، لان الوظيفة في ذلك الوقت كانت في أظاهر والواقع هو العمل على طبق الفتوى الأولى ولم ينكشف خلافها فتلك الأعمال بحسب فتوى المجتهد الثاني محكومة بالصحة لمطابقتها للحجة ففتوى المجتهد الأول: ينتهى أمدها بموته مثلا وهو مبدأ حجية فتوى الثاني، وليس كذلك عند تبديل الرأي.
نعم لو كان مورد الفتوى باقيا وللزمان عليه مروان يجب على المقلد العمل على طبق فتوى الثاني، وهو غير مربوط بمسألة الاجزاء، فلو صلى الجمعة استناد إلى فتوى من يرى وجوبها في زمان الغيبة وترك الظهر، ثم مات المجتهد وقلد من يرى وجوب الظهر لا يجب عليه قضاء ما تقدم، لان فتوى المجتهد الثاني لا حجية لها بالنسبة إلى الأعمال السابقة، وهذا بخلاف ما لو تبدل رأيه فان الرأي الثاني حجة بالنسبة إلى الأعمال السابقة أيضا وان كان معذورا في مخالفتها حين العمل.
فالأظهر هو البناء على الاجزاء وعدم الانتقاض عند تبدل المجتهد مطلقا الا إذا تبين عدم صحة تقليد الأول: من الأول: فإنه يجرى فيه حينئذ ما ذكرناه في الامارات والأصول.