ولقد أطال المحقق النائيني في المقام، وقسم السقوط بفعل الغير إلى السقوط به مع الاستنابة وبدونها، وأفاد في كل من القسمين تحقيقات، الا ان اقتضاء الأصل له، لا يتوقف عليها، والمنسوب إلى المشهور ان مقتضى الاطلاق سقوطه وكون الواجب توصليا بهذا المعنى من غير فرق بين كونه بالتسبيب أو بالتبرع أو بغير ذلك.
وحق القول في المقام، ان احتمال سقوط التكليف بفعل الغير في عالم الثبوت يتصور على أنحاء، أحدها: احتمال كون التكليف متعلقا بفعل نفسه أو غيره بنحو التخيير الشرعي، أو بالجامع بينهما فيكون التخيير عقليا، ثانيها: احتمال كون المتعلق هو فعله أو استنابته لغيره، ونتيجة ذلك تخييره بين قيام نفس المكلف به وبين الاستنابة لاخر، ثالثها:
ان يكون التكليف مرددا بين كونه مشروطا بعدم قيام غير المكلف به فيسقط بفعل غيره، وبين كونه مطلقا أي سواءا قام به غيره أم لا لم يقم فلا يسقط.
وعلى الأولين، يدور امر الواجب بين كونه، تعيينيا، أو تخييريا، وعلى الثالث يدور امر الوجوب بين كونه مطلقا أو مشروطا. وقد مر وسيأتي في محله ان مقتضى الاطلاق كون الواجب تعيينيا عند دوران الامر بينه وبين كونه تخييريا، كما أن مقتضى الاطلاق كون الوجوب مطلقا عند دوران الامر بينه وبين المشروط.
أضف إلى ذلك أن الاحتمال الأول غير معقول: لان تعلق التكليف المتوجه إلى شخص يفعل غيره غير معقول، وكذا بالجامع بينه وبين فعل نفسه، والاحتمال الثاني لازمه كفاية الاستنابة ومسقطيتها بنفسها، ولو لم يأت بالفعل في الخارج وهو خلاف الفرض.
أضف إلى ذلك كله، ان الظاهر من الدليل في مقام الاثبات هو ذلك، إذ كما أنه إذا استند الفعل الماضي أو المضارع إلى شخص، يكون ظاهرا في صدور المادة منه بالمباشرة، كقولنا ضرب زيد فإنه ظاهر في صدور الضرب من زيد بالمباشرة، كذلك، إذا امر به، ووجه الخطاب إليه، وقال فليضرب زيد يكون ظاهرا في أن المطلوب هو صدوره منه بنفسه، وعلى ذلك فاحتمال السقوط بفعل الغير، مرجعه إلى الشك في اشتراط الوجوب بعدم فعل الغير، فمقتضى اطلاق الخطاب لو كان هو عدم الاشتراط.
واما الأصل العملي فالشك في الوجوب بعد فعل الغير على الاحتمال الثالث