ترى بنا في مسلك العديلة، وان شئت قلت إن للازم على المكلف الاتيان بالمأمور به المحصل للغرض، واما الغرض من الامر فليس لازم التحصيل، فحينئذ لو استكشفنا ترتب الغرض على مطلق وجود الفعل، فالعقل انما يحكم بلزوم اتيان الفعل تحصيلا له، ولا يحكم بلزوم اتيان الفعل بقصد الامر كي يتحصل الغرض من الامر.
الثاني: قوله تعالى " وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " 1 حيث إنه يقتضي الحصر المستفاد من لفظه الا، يدل على عبادية جميع الواجبات، بل كل امر به، خرج ما خرج.
وأجاب عنه: الشيخ الأعظم بجوابين الأول: ان هذا المعنى مستلزم لتخصيص الأكثر: فان أكثر الواجبات توصليات فيستكشف من ذلك عدم إرادة هذا المعنى من الآية الشريفة. الثاني: ان الآية الشريفة في مقام بيان تعيين المعبود وحصره في الله تعالى، لا في مقام بيان حال الأوامر كما تشهد له الفقرة السابقة عليه، وهي قوله عز وجل " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ".
أقول لم تم هذان الجوابان فهو، والا فيمكن ان يجاب عنه: بان الآية الشريفة انما تدل على أن الغرض الأقصى من الأوامر، هو العبادة الله تعالى، كما انها المقصود من ارسال الرسل وانزال الكتب، وهذا لا ينافي كونه جملة من الواجبات توصليات - والشاهد على ذلك - ان الامر لا يتعدى بلام، كما يظهر لمن راجع موارد استعماله بل اما ان يتعدى بنفسه، أو بباء، فاللام انما هي لإفادة الغرض وان مدخولها الغرض الأصلي من الأوامر.
هذا بناءا على رجوع الضمير في قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الخ إلى عامة المكلفين.
واما بناءا على رجوعه إلى أهل الكتاب كما يشهد لتعين ذلك ملاحظة الآيات السابقة على هذه الآية، فهي أجنبية عن المقام بالمرة، وانما تدل على أن التفرق الموجود بين أهل الكتاب انما نشأ من قبل أنفسهم بعد ما جائتهم البينة وهم لم يكونوا مأمورين الا