عالم الألوهية كله نور وكمال.
ثم نقل عن بعض أصحاب القلوب، والظاهر أنه ابن العربي، أنه ذكر تقريبا للطبائع والافهام وتسهيلا لفهم التوحيد الافعالي على العقول فيما يضاف إلى الجمادات والاعجام، فان الحجاب عن ادراك هذا التحقيق أمران: أحدهما اختيار الانسان والحيوان، وثانيهما ما ينسب إلى الجمادات وسائر الأجرام.
اما الأول - فان نسبة إرادة الانسان إلى مشيئة الله تعالى كنسبة ادراك الحواس إلى ادراك العقل، كما في قوله تعالى " وما تشاؤن الا أن يشاء الله " 1، ونسبة مصادير أفعالها من الأبدان والأعضاء كنسبة الجوارح إلى القلب الذي هو أمير الجوارح، كما دل عليه قوله تعالى " يد الله فوق أيديهم " 2 " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم " 3، وقوله تعالى " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " 4.
وأما الثاني فقد انكشف لدى البصائر المستنيرة أن الشمس والقمر والغيم والمطر والأرض وكل حيوان وجماد مسخرات بأمره تعالى ومقبوضات بقبض قدرته، كالقلم الذي هو مسخر للكاتب وعلمه وارادته وقدرته وقوته التي في عصبه وإصبعه، كما أن علمه ومشيئته واردتان من خزائن غيب الملكوت، وكتابة قلم اللاهوت على ترتيب ونظام وتقدم وتأخر من الأعلى فالأعلى إلى الأدنى حتى انتهى أثر القدرة من إحدى حاشيتي الوجود إلى الأخرى من القلم الاعلى إلى القصب الأدنى. وهذا مما يشاهده من انشرح صدره بنور الله ويسمع بسمعه المنور من يدرك ويفهم تسبيح الجمادات وتقديسها وشهادتها على أنفسها بالعجز والسخرية بلسان ذلق أنطقها الله به الذي أنطق كل شئ بلا حرف وصوت مالا يسمعه، الذين هم عن السمع لمعزولون.
فقال بعض الناظرين من هذا المشكاة للكاغذ وقد رآه اسود وجهه: لم تسود