اما شاكرا واما كفورا " 1.
رابعها الهداية الخاصة التكوينية، وهي الهداية إلى طريق السير إلى حصار القدس والسلوك إلى مقامات الانس بانطماس آثار التعلقات البدنية واندراس أكدار الجلابيب الجسمية والاستغراق في ملاحظة أسرار الكمال ومطالعة أنوار الجمال، وهذا النوع عناية ربانية خص الله بها بعض عباده حسب ما يقتضيه حكمته.
والى هذا النوع يشير كثير من الآيات، قال عز من قائل " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء " 2، " ان الله تعالى لا يهدى القوم الظالمين " 3، " والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " 4، " انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء " 5، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة.
ومنها الآيات المتضمنة لنسبة أفعال العباد إلى الله تعالى، وقد تقدمت جملة منها.
والجواب عنها: ما مر من أن فعل العبد وسط بين الجبر والتفويض وله حظ من كل منهما، لان القدرة وسائر المبادئ حين الفعل تفاض من الله تعالى واعمال القدرة في أخرى، وكل من الاسنادين حقيقي، والآيات الكريمة ناظرة إلى هذا المعنى.
ومنها قوله عز من قائل " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجنة والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " 6.
وفيه: ان اللام في قوله " لجهنم " ليست للعلة، بل للعاقبة و المآل والصيرورة، كما