ما وجب الا بالاختيار. ثم أخذ في بيان عدم الاختيارية الا إرادة إلى أن قال: فنحن في عن الاختيار مجبورون، فنحن إذا مجبورون على الاختيار.
وهو كما سيمر عليك ليس أمرا بين الامرين بل هو عين الجبر.
وللأصحاب تقاريب أخر له، ولكن بعضها يرجع إلى ما تقدم وبعضها يؤل إلى الجبر.
والحق في تصويره أن يقال: ان الجبر المنفى هو قول الأشاعرة والجبرية المتقدم، والتفويض المنفى هو قول المعتزلة أنه تعالى أوجد العباد وأقدرهم على أعمالهم وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بايجادها على وفق مشيتهم وقدرتهم، وليس لله تعالى في أعمالهم صنع. وأما الامر بين الامرين فهو أن الفعل انما يصدر عن اختيار العبد وقدرته، وله أو يفعل وأن لا يفعل، ومع ذلك حياته وقدرته واختياره كلها متحققة بإفاضة الباري تعالى، بحيث لو لم يفض إليه واحدا منها لزم منه عدم صدور الفعل وعدم تحققه.
والمثال العرفي - الذي يوضح ذلك - انه: إذا فرضنا أن العبد لا يتمكن من تحريك اليد الا مع ايصال القوة الكهربائية، فأوصل المولى القوة إليها آنا فآنا، فذهب العبد باختياره إلى قتل نفس والمولى يعلم بذلك، فالفعل بما أنه صادر من العبد باختياره فهو اختياري له، وبما أن المولى يعطى القوة للعبد آنا فآنا فافعل مستند إليه، وكل من الاسنادين حقيقي بلا تكلف وعناية. وهذا واقع: " الامر بين المرين "، الذي تطابقت عليه الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام.
وقد صرح بذلك المحقق النائيني (ره)، واليه يرجع ما أفاده المحقق الأصفهاني (ره) قال: ان العلة الفاعلية ذات المباشر بإرادته وهي العلة القريبة ووجوده وقدرته علمه وارادته لها دخل في فاعلية الفاعل، ومعطى هذه الأمور هو الواجب تعالى، فهو الفاعل البعيد. فمن قصر النظر على الأول حكم بالتفويض، ومن قصر النظر على الثاني حكم بالجبر، والناقد البصير ينبغي أن يكون ذا عينين - انتهى.
كما أنه يمكن توجيه ما أفاده العلامة المجلسي (ره) في جملة من كتبه بنحو يرجع إلى ذلك.