وضيقا، مثلا يترتب على مسائل باب الفاعل، غرض واحد في قبال بال المفعول. ويترتب على مسائل باب المرفوعات، غرض وحداني أوسع من ذلك الغرض. ويترتب على مسائل النحو غرض أوسع. وهكذا... هذا حال المسائل قبل التدوين واما بعد التدوين وجعل كل طائفة من تلك المسائل علما مستقلا، فيتوجه السؤال عن ما به تمايز العلوم وانه بماذا يتمايز كل علم عن غيره.
وفي هذا المقام أقول ان التمايز تارة يكون المراد منه التمايز في مقام التعليم والتعلم لكي يقتدر المتعلم ويتمكن من تمييز كل مسألة ترد عليه وان أيتها داخلة في هذا العلم، وأيتها خارجة عنه، وأخرى يراد به التمايز في مقام التدوين، وانه ماذا يكون داعيا وباعثا لاختيار المدون عدة من القضايا المتشتة المتخالفة وتدوينها علما واحدا وتسميتها باسم واحد؟
اما التمايز في المقام الأول، وبالنسبة إلى الجاهل المتعلم، فتارة يكون بالموضوع ولو مقيدا بحيثية خاصة، كما يقال: ان موضوع علم النحو، الكلمة والكلام من حيث الاعراب والبناء، والمراد بالحيثية المذكورة، حيثية استعداد ذات الموضوع لورود المحمول عليه. وعليه، فدعوى: " ان ذلك يرجع إلى التمييز بالمحمولات " ناشئة عن عدم مراجعة كلمات أهل المعقول. وأخرى يكون بالمحمول، كما يقال في تعريف علم الفقه:
بأنه العلم بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. وثالثة يكون بالغرض، كما ترى من تعريف المنطق بأنه: قانون آلي يقي رعايته عن خطأ الفكر وهذا غايته. ورابعة يكون بذكر فهرست المسائل اجمالا.
واما في المقام الثاني وبالنسبة إلى المدون، فمناط اعتبار الوحدة لعدة مسائل متشتة وجعلها علما واحدا، ليس هو وحدة الموضوع، أو المحمول، أو الغرض، لأنه، وان كان لها جامع حقيقي، وهو تارة يكون بالموضوع، وأخرى بالمحمول ثالثة بالغرض المترتب عليها، الا ان ذلك الجامع يختلف سعة وضيقا كما مر تفصيله. بل المناط: هو غرض المصنف الشخصي، مثلا تارة يتعلق غرضه بتدوين علم يترتب عليه غرض خاص كعلم المنطق، وأخرى يتعلق بتدوين ما يعرف فيه أحوال الانسان من تمام جهاته، وثالثة يتعلق