ثم أورد على نفسه بأنه لا ريب في أن الإختلاف الوارد في أخبار العلاج هو ما يوجب تحير العرف وهو ما لا جمع عقلائي فيه بين المتعارضين، وعليه فلفظ " مختلفان " المذكور في صدر صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله الماضية أريد منه الإختلاف غير القابل للجمع، وبوحدة اللفظ والسياق يراد من لفظ " ما خالف " المذكور فيه هذا المعنى فيعود الاشكال.
وأجاب بأن إرادة خصوص ما لا يقبل الجمع بقرنية كونه منشأ للتحير عند ذكر الموضوع لا توجب إرادته في ما ليس معه هذه القرينة (1). انتهى.
أقول: والإنصاف أن التفكيك في المراد من مادة واحدة ذكرت تارة في موضوع الحكم وأخرى في بعض أصناف هذا الموضوع لا سيما في المقدم والتالي جملة واحدة شرطية خلاف الظاهر جدا، اللهم إلا بقرينة موجبة له.
فالأولى في الجواب أن يقال: إن قول عمر بن حنظلة في مقبولته: " فإن كان الخبران مشهورين قد رواهما الثقات عنكم " حيث وصف الخبرين بكونهما مشهورين، وأكده بأن الثقات رووهما عنهم (عليهم السلام)، ظاهر في أن غرضه من هذا التوصيف والتأكيد بيان مسلمية صدور الحديث عنهم، وحينئذ فقد سلم صدور كلا الخبرين، وبملاحظة التشقيق في الجواب يستفاد منه تسلم أنه قد يصدر عنهم (عليهم السلام) حديث يخالف الكتاب والسنة، وحيث لا ريب - كما عرفت - في عدم صدور المخالف لما هو بمنزلة نص الكتاب والسنة، فلا محالة يراد من المخالفة المخالفة لظاهر الكتاب التي لا بأس بصدور مثله عنهم، ويراد من قوله (عليه السلام):
" ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة " ما وافق أو خالف ظاهر الكتاب والسنة، ومن المعلوم أن هذين العنوانين بعينهما وقعا في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله في هذا المقام، فيراد منهما هناك أيضا هذا المعنى. ويندفع الإشكال.