وأما الجواب عنه - كما في نهاية الدراية (1) باستكشاف إرادة المخالفة لظاهر الكتاب بأن عمر بن حنظلة قد فرض في السؤال الواقع بعد سؤاله الذي ذكرناه، فقد فرض موافقتهما معا للكتاب في مورد الترجيح بمخالفة العامة، ولا يكون إلا الموافقة لظاهر الكتاب، وإلا لكان اللازم وجود نصين متباينين في نفس الكتاب - فهو غير خال عن الإيراد.
أما أولا: فلأنه لم يفرض إلا أن الفقيهين عرفا حكمه من الكتاب والسنة، وإنما هو في معنى أن كلا منهما يدعي دلالة الكتاب على ما يقول، وأما أن الكتاب مشتمل واقعا على ظاهرين يدل كل منهما على ما يقولان به فليس بمفروض.
وثانيا: أن ما أفيد فإنما هو على نسخة الكافي، وإلا فنسخة التهذيب هنا هكذا: " أرأيت إن المفتيين غبي عليهما معرفة حكمه من الكتاب والسنة " فلم يفرض إلا أنه خفي عليهما معرفة حكمه، ولم يعرفاه لا من الكتاب ولا من السنة، والخفاء وعدم العرفان لا يلازم وجود الظاهرين.
كما أن الجواب عنه باستكشافها من مجرد تقديم الأمر بالمشهور قبل الإرجاع إلى موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامة، بتقريب أن إطلاقه يقتضي وجوب الأخذ بالمشهور وإن كان مخالفا للكتاب، وهو لا يكون إلا إذا أريد من المخالفة المخالفة لظاهره.
فيه: أن المأمور به قبله إنما هو الأخذ بالمجمع عليه، وهو الذي قيل فيه: إنه لا ريب فيه، فيمكن أن يكون سر تقديمه أن ما أجمع عليه فليس مخالفا للكتاب قطعا ولا للسنة، بل لعل الأمر كذلك في الخبر المشهور أيضا، وإن لم يبلغ حد الإجماع عليه.
فقد تحصل: أن الموافقة لظاهر الكتاب إحدى المرجحات والمزايا المنصوصة في أخبار العلاج.