ويخصص به عموم التحليل المذكور.
فلا محيص من أن يراد بالمخالفة للكتاب في الطائفة الأولى المخالفة لحكم ثبت إرادته من لفظ الكتاب، سواء كانت بصورة التباين الكلي أو غيره، كما يشهد لذلك أيضا التعبير المذكور في معتبر الميثمي، فتذكر، بل لا يبعد أن يقال: إن ما كان بينه وبين الكتاب جمع عقلائي فهو قرينة على المراد بالكتاب وشارح له، فهو ملائم وموافق مع الكتاب، اللهم إلا إذا علم إرادة شمول فرد خاص من عموم الكتاب أو إطلاقه، فحينئذ يكون الكتاب كالنص فيه لا يمكن إخراجه عن ظهوره.
ولذلك فقد قال في خبر الميثمي في التعريف لهذا الخبر الذي يصير قرينة:
" فما كان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخصة فيه إذا ورد عليكم عنا الخبر فيه، بإتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما... " (1) فمقبولية الخبر عند الأصحاب وعدم إنكارهم له إنما تكون فيما لم يكن إرادة الفرد الخاص من عموم الكتاب وإرادة الإلزام من الظاهر فيه مسلمة.
وبالجملة: فالمراد بمخالفة الكتاب المانعة عن أصل الحجية، هو المخالفة لما هو نص الكتاب أو كنصه، إلا أن هذا المقدار لا يدفع إيراد المحقق المذكور (قدس سره) فإن له أن يقول: إن وحدة العنوان والسياق تقضي بأن المراد بمخالفة الكتاب في جميع الروايات معنى واحد، هي المخالفة لما هو بمنزلة النص، فيؤول أمر الطائفة الثانية إلى أنها في مقام تميز الحجة عن اللا حجة، لا في مقام ذكر المرجح للمتعارضين الجامعين لشرائط الحجية.
وأجاب عنه سيدنا الأستاذ (قدس سره) في رسائله بما حاصله: أن عنوان المخالفة يعم المخالفة القابلة للجمع العقلائي وغيرها، ويرفع اليد عنه في الطائفة الأولى لبعض ما ذكرناه، ويبقى على عمومه في الطائفة الثانية.