للمكلفين. نعم له أيضا أن يخبر بنفس الخبرين وأن المكلف مخير في الأخذ بأيهما شاء، فالمقلد الفاضل يعمل بما فهم من أي الخبرين اختاره، وهو أيضا راجع إلى الإخبار بالتخيير.
وحيث إن الإفتاء ليس إلا هذا الإخبار فلا مجال لأن يقال: إن الافتاء عمل المجتهد كما أن القضاء عمل منه بالخبر الذي يختاره، فكما كان هو المتخير في القضاء فهكذا في الافتاء، وذلك أنه لا دليل في باب الإفتاء على أزيد من أن قول المجتهد ورأيه إنما هو طريق إلى مفاد الأخبار والأمارات، فليس له أن يخبر إلا بما هو مفادها لا أزيد ولا أنقص ونتيجته ما ذكرناه.
فكما أن الفاضل غير المجتهد يخبر عن فتوى المفتي التي يراها في رسالته العملية، وهذا الخبر مستند إلى ظواهر الرسالة التي هي حجة من باب حجية الظواهر، وليس له أن يخبر إلا موافقا لما ذكر فيها، فهكذا المفتي بالنسبة إلى المفاد المستفاد من الأخبار والآيات منضمة إلى سائر الطرق والأمارات المتوقف عليها الاستنباط.
ومما ذكرناه تعرف ضعف ما في الكفاية وسائر الكلمات، ولوضوحه لا نرى حاجة إلى إعادة ذكرها.
إلا أنه مع ذلك نذكر جملة منها اختصارا فنقول:
يستدل لتعيين الإفتاء بمفاد خصوص الخبر الذي يختاره المفتي:
تارة بأن المستفاد من الأخبار إنما هو التخيير في المسألة الأصولية، فقد جعل الشارع ما يختاره المكلف حجة، والاختيار والأخذ بالخبر إنما هو فعل المجتهد المفتي، ولا يتصور الأخذ من المقلد العامي، فما أخذه المجتهد من الخبرين يكون حجة على مضمونه الذي هو حكم معين، فلا محالة يفتي به (1).
وأخرى بأن موضوع أخبار العلاج هو من بلغه وجاءه وأتاه المتعارضان وهو