الواضح أنه لا يوجد في الروايات التي أجمع الأصحاب على نقلها والعمل بها خبر يخالف نص الكتاب، فلا إشكال. والحمد لله رب العالمين.
ثم إنه بناء على ما حققناه تعرف أن الأخذ بذي المزية لازم، ولا حجة في مقابله، وذلك أولا لظهور أخبار الترجيح في وجوب الأخذ به وفي عدم حجية مقابله بحيث أمر بتركه، وثانيا لأنه بناء على عدم قيام دليل معتبر على التخيير، وكون مقتضى القاعدة عدم حجية شئ من المتعارضين، فما قام الدليل على حجيته خصوص ذي المزية، ويبقى غيره على مقتضى الأصل من عدم الحجية.
وأما الاستدلال له بالإجماع كما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) حيث قال: " ويدل على المشهور (يعني وجوب الترجيح) مضافا إلى الإجماع المحقق والسيرة القطعية والمحكية عن الخلف والسلف... ".
فمخدوش أولا بأن المسألة غير معنونة في كتب كثير من الأصحاب، فلا محالة يكون طريق تحصيل فتواهم فيها هو مشيهم في مقام الاستنباط، وعملهم في الخبرين المتعارضين، والعمل إنما يكشف عن حجية ذي المزية قطعا وأما عدم جواز الاستناد إلى غيره فلا، فإن من المحتمل أن يروه أيضا حجة مرجوحة، ويكون عملهم بذي المزية من باب الأخذ بالطريق الأفضل.
وثانيا: بأن من المحتمل قويا أن يكون مستندهم هو الأخبار الظاهرة في وجوب الترجيح التي ادعى الشيخ الأعظم (قدس سره) تواترها، أو أصالة عدم حجية غير ذي المزية على ما قررناه، فلا يكشف إجماعهم عن أزيد مما بأيدينا.
كما أن الاستدلال له بأن الاخذ بغيره ترجيح للمرجوح وهو قبيح.
ممنوع بأنه إذا كان المرجوح أيضا مشتملا على الملاك اللازم في الحجية فلا محالة يكون حجة، ويكون ما تضمنه من الملاك زائدا عليه، كالحجر جنب الانسان بالنسبة لأصل الحجية، وإن كان الأخذ بذي المزية أفضل.