ما أحل الله، ولا ليحلل ما حرم الله، ولا ليغير فرائض الله وأحكامه، كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله... " (1).
إلى غير ذلك من الأخبار الدالة بوضوح على أن ما يخالف كتاب الله لا يمكن صدوره عن النبي ولا عن الأئمة (عليهم السلام)، والتعبير بعدم الموافقة يرجع إلى المخالفة، فإن عدم الموافقة إنما يكون إذا لم يلتئم مضمون الخبر مع ما في الكتاب، وهو لا يكون إلا نفس المخالفة ليس إلا، فهذه الأخبار الكثيرة المستفيضة جدا تؤكد على أن الخبر المخالف لا يصدر عنهم (عليهم السلام)، فشرط اعتبار الخبر وحجيته مطلقا أن لا يخالف الكتاب، كان في مقابله خبر آخر أم لا.
هذه هي الطائفة الأولى.
الطائفة الثانية: ما تدل على أن موافقة الكتاب توجب الأخذ بالموافق من المتعارضين، وهي صحيحة عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، وخبر الحسن بن الجهم عن العبد الصالح الماضيان، ومقبولة ابن حنظلة الماضية على وجه أيضا.
وحيث إن لسان الطائفة الأولى يأبى عن التخصيص، ولا ريب في صدور الخبر المخالف لظاهر الكتاب الذي بينه وبين الكتاب جمع عقلائي عن النبي والأئمة (عليهم السلام)، مثلا إن من ظواهر الكتاب قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: "... وأحل لكم ما وراء ذلكم... " (2)، وقد روت العامة والخاصة مستفيضا أو متواترا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (3)، مع أنه لم يذكر في كتاب الله تعالى من المحرمات الرضاعية إلا ما في قوله تعالى: "... وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة... " (4) فتحريم العمة والخالة والبنت الرضاعيات، مثلا، مستفاد من ذاك الحديث،