أبى الله أن يعبد إلا سرا، أما والله لئن فعلتم ذلك إنه لخير لي ولكم، أبى الله عز وجل لنا في دينه إلا التقية ".
ويشهد لذلك أيضا: أن مفروض الكلام في خبر أبي عمرو والحسين بن المختار هو سماع الراوي الخبرين المختلفين من الإمام (عليه السلام) بلا أي واسطة، فأمره (عليه السلام) بالأخذ بالأخيرة أو استصوابه له لا معنى له إلا ما ذكرنا، وأراه واضحا لا يخفى.
ويشهد له أيضا تعليق حكمه على عنوان " الحي " يعني أنه لحياته وإعمال ولايته وإمامته يرشدكم إلى ما ينبغي لكم المشي عليه بلحاظ خصوص زمانكم، فلو كان حكما كليا إلهيا لما اختلف فيه حياة الإمام (عليه السلام) القائل وموته.
القسم الثاني: ما يدل على أن الحديث أيضا ينسخ كما ينسخ القرآن، فربما يظن أن مفاده أيضا وجوب الأخذ بالخبر الأخير الأحدث، كما في القسم الأول، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: " ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يتهمون بالكذب فيجئ منكم خلافه؟ قال: إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن " (1).
ومورده وإن كان الحديث الصادر عنهم (عليهم السلام) مخالفا لما ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن الجواب عام لكل حديث متأخر، ويدل على أن الحديث حيث إنه يقبل النسخ فلا محالة يكون الحديث المتأخر ناسخا للمتقدم، والنسخ إن سلم اختصاصه بزمن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فكلا الناسخ والمنسوخ قد أوحى إليه (صلى الله عليه وآله) وأو كل إظهاره إلى الإمام الوصي بعده، حتى أن من الممكن صدور الحديث الدال على الحكم الأول عن بعض الأئمة (عليهم السلام) أيضا ثم صدور الناسخ عن الإمام بعده أو عنه بعد الزمان الأول.
وبالجملة: فمفاد الصحيحة: أن الحديث المتأخر لكونه ناسخا لما تقدمه ورد مخالفا له. هذا.