القسم الأول: ما ربما يستظهر منه وجوب الأخذ بالخبر الذي تاريخ صدوره بعد ما يعارضه:
ففي خبر المعلى بن خنيس قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ؟ فقال (عليه السلام): " خذوا به حتى يبلغكم عن الحي، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله " قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم ". وقال الكليني (قدس سره) في ذيله: " وفي حديث آخر: خذوا بالأحدث " (1).
ونحوه خبر أبي عمرو الكناني (2) ومرسل الحسين بن المختار (3).
فربما يقال: إنها تدل على أن الواجب في المتعارضين هو الأخذ بالأحدث، وهو مناف لما يدل على الأخذ بموافق الكتاب أو بمخالف العامة أو بالمشهور، مع أنه لم يقل به الأصحاب.
والحق: أن هذه الأخبار ليس لها لسان عام، ولا متضمنة لقاعدة كلية في علاج تعارض الروايات حتى يتوهم تعارضها لسائر الأخبار، بل إنما هي بصدد تعليم الشيعة وتنبيههم لاتباع كل ما يصدر عن أئمتهم (عليهم السلام) لرعاية حالهم وحفظ حياتهم عن هجوم أعداء الله تعالى وأعدائهم، فهي ناظرة إلى التصرفات التي تقع منهم (عليهم السلام) في مقام تدبير أمر الشيعة وفي مقام إعمال الولاية والإمامة الإلهية، حفظا لهم عن الخطرات المتوجهة إليهم، وعن كيد القدرة الطاغوتية المتسلطة على المسلمين، الغاصبة لحقوق أئمتهم (عليهم السلام).
كما ينادي به قوله (عليه السلام) في هذه الرواية بعد بيان الوظيفة: " إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم " فلو كان الحديث في مقام بيان محض حكم التعارض فهل تراه (عليه السلام) محتاجا إلى ذكر هذه الزيادة مع التأكيد بالقسم.
وأظهر منه في هذه الجهة قوله (عليه السلام) في ذيل خبر أبي عمرو: " يا أبا عمرو،