والحق: أن هذه الصحيحة أيضا وإن أبدت احتمال النسخ في الخبر المتأخر إلا أنه ليس لها لسان عام، ولا متضمنة لضرب قاعدة كلية في علاج تعارض الأخبار لكي يكون المخاطب مأمورا بالحمل على ناسخية المتأخر، فلا ينافي ما يدل بصورة كلية وقانون عام على أنه يؤخذ من المتعارضين بما خالف العامة أو وافق القرآن كما في المقبولة وغيرها.
القسم الثالث: ما تضمن الأخذ بذي مزايا اخر: وهي الشهرة، وموافقة الكتاب، ومخالفة العامة، وربما يزاد عليها صفات الراوي:
أما الترجيح بالصفات فقد ذكر في مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة:
ففي المقبولة بعد إيجابه (عليه السلام) على المتنازعين أن يرجعوا إلى رجل من الشيعة عارف بحديثهم وأحكامهم قال عمر بن حنظلة: " قلت: فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر.
قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر [ليس يتفاضل كل واحد منهما على صاحبه خ يب] قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة، أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.
قلت: فإن كان الخبران عنكما [عنكم. خ يب] مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.