طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا " (1).
بيان دلالة هذا الحديث الشريف أنه (عليه السلام) ذكر أولا معيارا به يعرف الحديث الذي لا يمكن صدوره عنهم (عليهم السلام) بالمرة، سواء كان في قباله ما يخالفه أم لا، وهو ما كان مخالفا لفرائض القرآن أو حلاله أو حرامه، أو كان مخالفا لما سنه رسوله (صلى الله عليه وآله) كذلك، ثم ذكر أنه قد يرد عن الله أو رسوله ما واقعه ليس بإلزام وحتم - وإن كان بظاهر الإلزام - ثم يرد عنهم (عليهم السلام) ترخيص فيه، فهذان ليسا بمختلفين، بل الخبر الأخير بيان للترخيص الذي كان مرادا لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، وعلامة ذلك أن يكون خبر الترخيص معروفا عند الرواة غير منكرين له، فهاهنا يؤخذ بكلا الخبرين، وأحدهما قرينة على المراد من الآخر، وبلسان اصطلاحنا لا معارضة بين الخبرين بل يجمع بينهما ويجعل خبر الترخيص قرينة على إرادة الندب أو الكراهة من الأمر والنهي المذكورين. فقد أمر الإمام (عليه السلام) بالعمل في الأخبار المختلفة أيضا على هذا المنوال ثم قال (عليه السلام): " وما لم تجدوه في شئ من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه...، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف... حتى يأتيكم البيان من عندنا ". ومن الواضح أن الخبرين المتعارضين إذا كانا واجدين لشرائط الاعتبار داخلان في هذا الذيل الذي حكم عليه (عليه السلام) بوجوب التوقف والتثبت إلى أن يتضح الأمر ببركة بيانهم (عليهم السلام).
هذا هو فقه هذا الحديث المبارك، ويدل بوضوح على لزوم التوقف عن العمل بالأخبار المتعارضة مطلقا، وما قد يتوهم من أنه من أخبار الترجيح بموافقة الكتاب ناش عن قلة التأمل، فإن المخالفة المذكورة فيه هي المخالفة الموجبة لسقوط الخبر عن الاعتبار رأسا، كما لا يخفى.
ثم إنه (عليه السلام) حكم بالتخيير بين العمل بخبر الأمر أو النهي والعمل بخبر الترخيص، وقال ما معناه: إن الذي ورد عن المعصومين من قولهم (عليهم السلام): بأيهما