أخذت من باب التسليم وسعك إنما هو في هذا المورد، فالمكلف فيه مخير بين الأخذ بخبر الأمر - مثلا - بعد حمله على الإستحباب - فيأتي به لله تعالى وبين الأخذ بخبر الرخصة فيتركه لأنه مستحب ليس بفرض، وهكذا خبر النهي والترخيص في الفعل، فظاهر كلامه (عليه السلام) أن التخيير والتوسعة المنقولة عنهم (عليهم السلام) يختص بهذا المورد الذي ليس من التعارض المستقر. وهذا الذي وعدناه من دلالة الأخبار على عدم تشريع التخيير في المتعارضين. فتذكر.
ومنها: ما رواه الصفار في بصائر الدرجات - في باب في التسليم لآل محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) وجوابه بخطه، فقال: نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه، كيف العمل به على اختلافه إذا نرد إليك، فقد اختلف فيه، فكتب وقرأته: " ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا " (1).
وبيان دلالته على التوقف وإطلاقها يظهر مما ذكرناه ذيل ما نقلناه عن السرائر، فلا حاجة إلى الإعادة. كما أن سند الحديث معتبر.
ومنها: ما عن الإحتجاج مرسلا عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت: يرد علينا حديثان، واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه، قال: لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله. قلت: لابد أن نعمل بواحد منهما، قال:
خذ بما فيه خلاف العامة " (2).
وهو كما ترى قد نهى عن العمل بواحد منهما إلى أن يتبين الأمر بالسؤال عن ولي الأمر، ومورده وإن كان الخبرين المختلفين بالأمر بالشئ والنهي عنه، إلا أنه لا يبعد دعوى إلغاء الخصوصية عنه إلى كل خبرين متعارضين.