لكن لقائل أن يقول باختصاص الموثقة بمورد اختلاف المفتيين، ولا تعم اختلاف الروايتين عند المجتهد المفتي، وذلك أن قوله في السؤال: اختلف عليه رجلان من أهل دينه كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه حيث أوضح الاختلاف المستند إلى الرواية بأن أحدهما يأمره والآخر ينهاه يدل على أن مرتبة السائل لدى المسؤول عنه مرتبة من يأتمر بأمره أو ينتهي عن نهيه، وهذه مناسبة لمرتبة المستفتى من المفتي، لا الراوي من راو آخر الذي ربما كان هو أفقه من الناقل.
ومنها: ما رواه في مستطرفات السرائر من مسائل محمد بن علي بن عيسى، عن مولانا أبي الحسن الهادي (عليه السلام)، قال: وسألته عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك صلوات الله عليهم، قد اختلف علينا فيه، كيف العمل به على اختلافه، أو الرد إليك فيما اختلف فيه؟ فكتب (عليه السلام): ما علمتم أنه قولنا فالزموه [فالتزموه خ ل] وما لم تعلموا فردوه إلينا " (1).
فمورد السؤال هو اختلاف الروايات الناقلة لعلومهم (عليهم السلام)، وقد جوز بل أوجب العمل بما علم أنه منهم، وما لم يعلم أنه منهم فقد أوجب رده إليهم (عليهم السلام)، والرد إليهم في الأخبار المتخالفة ولا سيما في قبال الإلتزام به عبارة أخرى عن التوقف عن الأخذ والفتوى به. فقد أمر بالتوقف، وهو مطلق يعم ما كان منا مرجح لأحدهما على الآخر وما لم يكن. ومن المعلوم أن التوقف عن الفتوى بمفاد الحديثين لا ينافي التوسعة في مقام العمل.
ومنها: ما رواه الصدوق في العيون عن كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله المسمعي، عن أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا (عليه السلام) وذكر بعد تمام الحديث: " كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا الخبر في