إلى حكم الله بعد هذا الإختلاف فهو في سعة حتى يلقى إمامه ويخبره. وكيف كان فالحديث لا يدل على التخيير في الأخذ بكل من المتعارضين.
ومنها: مرسل الكليني المذكور ذيل هذه الموثقة بقوله: " وفي رواية أخرى:
بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك " (1) فقد حكمت بسعة المكلف في الأخذ بأي الروايتين شاء وتخييره فيه، فهو كالصريح في جواز الفتوى بأي منهما اختار.
وفيه: أن ما استفيد صحيح إن كان قوله " بأيهما أخذت... " تمام الجواب وكله، بأن يكون هذا القول مكان كلتا الفقرتين المذكورتين، لكنه غير متعين، فإنه يحتمل بل ربما يستظهر أنه قائم مقام الفقرة الثانية منهما الدالة على أن المكلف في سعة، أعني مكان قوله " فهو في سعة حتى يلقاه "، فلو كان مكان خصوص الفقرة الثانية لما كان بد من أن يراد به مجرد الأخذ العملي بمفاد كل من الخبرين من دون أن يفتى به ويعد مفاده حكما إلهيا، وذلك بقرينة الفقرة الأولى، حيث أمر فيها بوجوب إرجاء الأمر إلى أن يلقى الامام، ولا معنى لوجوب إرجائه إلا لزوم التوقف عن الفتوى وعدم عد شئ منهما حجة على حكم الله. هذا.
مضافا إلى أن هذه الرواية مرسلة لا حجة فيها. ومضافا إلى احتمال أنها مأخوذة من ذيل معتبر الميثمي أو مكاتبة الحميري التي سيجئ الكلام فيها.
ومنها: صحيحة علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن (عليه السلام)، اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في ركعتي الفجر في السفر، فروي بعضهم: " صلها في المحمل " وروى بعضهم: " لا تصلها إلا على الأرض "؟ فوقع (عليه السلام): " موسع عليك بأية عملت " (2) فقد صرح (عليه السلام) بسعة الأمر للمكلف في العمل بأية من الروايتين شاءت، والصحيحة وإن وردت في مورد خاص إلا أنه من الممكن إلغاء الخصوصية عنه إلى جميع الأخبار المتعارضة.