وأنت تعلم أنه بعد فرض ذلك كان لازمه ثبوت التعبد بحكم الآخر في الظاهر أيضا، إلا أنه إنما يصح إذا كان جريان الاستصحاب في أحدهما واجدا لشرائطه، كما لعله مفروض كلامهم أيضا.
الثالث: ما إذا كانت الواسطة جلية، إلا أنهما كانا بمثابة يعد الأثر المجعول أثرا لكليهما.
وأنت تعلم أن فرض هذه الملازمة يؤدي إلى فرض أن العرف قد فهم من دليل الحكم أن الحكم المذكور حكم لكليهما، وبعد هذا الفرض فثبوت أو استصحاب كل منهما كاف لثبوت هذا الحكم وإن كان غير العنوان المذكور في دليل الحكم، إلا أن الظاهر أن هذا الفرض كسابقه مجرد فرض لا مصداق له.
والله العالم.
ثم إن هاهنا نكات لا بأس بالتنبيه عليها، توضيحا لبعض أبعاد عدم حجية الأصل المثبت.
الأولى: قد عرفت أن إثبات الحكم على موضوعه في استصحاب الموضوعات إنما كان بانطباق الكبريات القانونية المذكورة في الأدلة الاجتهادية عليها، فإن الاستصحاب يثبت أن ما شك في بقاء خمريته فهو خمر، فيعمه قوله تعالى: " حرمت عليكم الخمر " ويثبت حرمته، وعليه فتمام الملاك كون المستصحب مصداقا لعنوان الموضوع المأخوذ في كبرى الحكم، سواء كان فردا ذاتيا أو غير ذاتي، وسواء كان مبدؤه من قبيل المحمول بالضميمة أو الخارج المحمول، فإن صدق الإنسان كصدق الممكن والعالم أو الضارب على مصاديقه صدق حقيقي، ولا محالة تعم الكبرى المتضمنة للحكم على أمثال هذه العناوين لجميع مصاديقها التي منها ما ثبت بالاستصحاب، فلا شأن للاستصحاب إلا إثبات الموضوع، وبه ينتهي شأنه ورسالته، ثم الدليل الاجتهادي الذي جعل الحكم على ذلك العنوان الكلي يعمه، من دون فرق بين أقسام المصاديق أصلا. هذا بناء على ما حققناه.