وثبوت آثاره الشرعية أيضا إنما هو بدلالة أدلة تلك الآثار، لا بنفس الاستصحاب. نعم ببركة الاستصحاب يحرز تطبيق الأدلة عليه، وهذا الإحراز مفقود في غير مورد التعبد وهو موضوع هذه الآثار الشرعية، كما لا يخفى.
فنحن وإن اشتركنا مع المشايخ العظام (قدس سرهم) في عدم حجية مثبتات الاستصحاب إلا أنا نفترق عنهم في أنا لا نرى ترتب الآثار الشرعية أيضا من مفاد الاستصحاب، ونقول: إن الاستصحاب لا يثبت إلا نفس الموضوع، وبه تنتهي رسالته. ثم الأدلة الاجتهادية تنطبق عليه وتثبت آثاره الشرعية، وهم (قدس سرهم) يقولون:
إن دليل الاستصحاب بنفسه يثبت تلك الآثار الشرعية، ويحكم بترتبها على الموضوع المستصحب. كما أنا نشترك معهم في أن التعبد ببقاء الحكم المشكوك بقاؤه إنما هو بمقتضى أدلة الاستصحاب. والله العالم وهو الموفق للصواب، والحمد لله وحده.
ومما ذكرنا تعرف أن ما في الكفاية ويظهر من غيرها أيضا من قوله: (لا شبهة في أن قضية أخبار الباب هو إنشاء حكم مماثل للمستصحب في استصحاب الأحكام، ولأحكامه في استصحاب الموضوعات) محل منع وسند المنع وحق المقال فيه هو ما عرفت.
بل لا يبعد أن يقال: لما كان لسان قاعدة الاستصحاب هو التعبد ببقاء اليقين، واليقين ظاهر في كونه طريقا محضا إلى الواقع، فمفادها إنما هو التعبد بأن الواقع متحقق، وليس جعلا ابتدائيا لحكم ظاهري مماثل حتى في موارد استصحاب الأحكام، بل مفادها أنه لما كان اليقين الطريقي باقيا فالحكم الواقعي ثابت متحقق، وليس مثل " كل شئ طاهر أو حلال " حتى يدل على جعل الطهارة أو الحلية عند الشك بلا نظر إلى الواقع وإحرازه، ولعله يوجب القول بعدم الإجزاء عند انكشاف الخلاف في قاعدة الاستصحاب أيضا، كما نقول به في باب الطرق والأمارات، وتمام الكلام موكول إلى محله.
وكيف كان فمما ذكرنا تعرف أنه لا مجال لمقايسة الباب بأبواب الطرق