انقضاء اعتبار جميع أحكامه وابتداء شرع جديد بأحكام مضادة أو مماثلة أو مخالفة لأحكامه، وإلا كان النبي اللاحق بمنزلة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مكلفا بتبعية الشرع السابق، وهو مناف لأصالة الشرع الجديد ونسخ الشريعة السابقة، وعليه فلا مجال للاستصحاب.
الثالث: أن مورد الشك في البقاء طرف للعلم الإجمالي بنسخ بعض أحكام الشريعة السابقة، فإنه لا ريب في نسخ بعضها، ولا في احتمال انطباق المنسوخ على مورد الاستصحاب.
والجواب الصحيح: أن الموارد التي قام دليل معتبر من علم أو علمي على حكمها في الإسلام لم يجر فيه الاستصحاب، فإن موضوع دليل الاستصحاب هو الشك، ولا شك بعد قيام الدليل المعتبر، فلا يعم دليل الاستصحاب إلا خصوص ما كان من أحكام الشريعة السابقة محتمل البقاء، لعدم وضوح حكم موضوعه في الإسلام، وفي مثله ليس لنا علم إجمالي بنسخ البعض، كيف؟ والقطع بتعيين مورد لهذا الاستصحاب مشكل، فضلا عن العلم الإجمالي بنسخ بعض موارد الاستصحاب.
ومنه تعرف أن تعبير الشيخ الأعظم (قدس سره) هنا " بأنه لما كانت الأحكام المعلومة في شرعنا واجبة العمل فأصالة عدم النسخ في موردها غير محتاج إليها " لا يخلو عن مسامحة، فإن أصالة عدم النسخ فيه غير جارية، لعدم تحقق موضوعها، أعني الشك، لا أنها جارية غير محتاج إليها.
الرابع: ما عن المحقق القمي (قدس سره) من أن جريان الاستصحاب مبني على القول بكون حسن الأشياء وقبحها ذاتيين، والحق أنه بالوجوه والاعتبار.
وضعف هذا الوجه واضح، بل إن ابتناء الاستصحاب على القول بالذاتية فيه خفاء، وتوجيه مراده والجواب عنه مذكور في الدرر، فمن شاء فليراجع.
والحمد لله تعالى.