فالحاصل: أن قوام تقريره بأن المحكوم بالبقاء وعدم النقض هو مجرد اليقين السابق المتعلق بالمتيقن السابق، لا هو واليقين بلوازمه وملازماته وملزوماته، والتعبد باليقين يراد به ترتيب آثار اليقين، أي الآثار الشرعية المترتبة بواسطة اليقين على موضوعه، فلا محالة ليس يقوى الاستصحاب على إثبات غير تلك الآثار الشرعية.
وقرره المحقق الخراساني بعد تسليم أن المراد هو النقض العملي، بأن حرمة نقض اليقين كناية عن لزوم الالتزام بالمتيقن عملا، ومقتضى إيجاب الالتزام به التعبد بنفس المتيقن إذا كان من الأحكام، والتعبد بآثاره الشرعية إذا كان من الموضوعات، ومرجعه وإن كان إلى تنزيل المشكوك البقاء منزلة المتيقن إلا أن هذا التنزيل لا يعم غير الآثار الشرعية المترتبة على الموضوع، فإن نفس المتيقن قد حكم ببقائه، وبقاؤه في محيط الشرع لا ينفك عن ترتب آثاره الشرعية، ولم يدل دليل على أن غير لوازمه الشرعية أيضا محكوم بالوجود والبقاء لكي يرجع إلى ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على هذه الأغيار، فإن التعبد بالشئ تعبد بأثره، والأثر الشرعي المترتب على لازم الشئ فضلا عن ملزومه وملازمه ليس أثرا شرعيا له نفسه، ولو سلمناه لما كان لدليل التعبد إطلاق بالنسبة إلى جميع الآثار، والمتيقن منه في مقام الخطاب آثار نفسها.
وأنا أقول: الظاهر أن النهي الوارد في خطاب " لا ينقض اليقين بالشك " ليس نهيا تكليفيا ليؤول إلى حرمة النقض تكليفا، بل المراد به الدلالة على بقاء اليقين السابق وعدم انتقاضه بالشك، ويشهد له - مضافا إلى وضوحه بنفسه - أنه لا ريب في جريان الاستصحاب في موارد الإباحة والكراهة والاستصحاب، ولا معنى لتحريم النقض العملي لليقين السابق فيها.
وبالجملة: فظاهر قولهم (عليهم السلام): " ولا ينقض اليقين بالشك " في الصحيحة الأولى وقولهم: " وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا " كما في الصحيحة الثانية أنه إرشاد إلى بقاء اليقين تعبدا، وعدم انخرامه بالشك، ومعه فلا مجال