الناقض، فالسؤال عن الشبهة الموضوعية واحتمال حدوث الناقض، فمورد سؤاله أنه كان على يقين بوضوئه، وشك في انتقاضه واستمراره، فإذا أجاب (عليه السلام) بقوله:
" لا " يعني لا يجب الوضوء، فقد دل على بقاء حكم الوضوء عند الشك في بقائه، وهو مصداق للاستصحاب، وتعقيبه بقوله (عليه السلام): " حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجئ من ذلك أمر بين " تبيين لحد بقاء هذا الحكم، وأنه باق حتى يحصل اليقين بوجود الناقض أو ما يقوم مقام اليقين، وقوله (عليه السلام): " وإلا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، ولكن ينقضه بيقين آخر " تأكيد لهذا الجواب وبيان لسره، وأنه إذا لم يستيقن النوم ولا قام عليه أمر بين فهو على يقين من وضوئه، يعني اليقين الذي يكون له بالوضوء قبل حدوث هذه الحالة الموجبة للشك فهو على يقين من ناحية الوضوء " ولا ينقض اليقين بالشك " فإن الشك ليس في قدرته أن ينقض اليقين، ولكنه ينقضه بيقين آخر مثله.
فهذا هو ظاهر الحديث بلا أي تكلف، وعليه فقوله (عليه السلام): " فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك " في عين أنه بمنزلة صغرى وكبرى، فهو جواب الشرط في قوله " وإلا "، وقد حققنا في باب مفهوم الشرط أن أدلة الشرط لا تدل على أزيد من فرض تحقق جملة الشرط، وأن ما يسمى بالجزاء متحقق عند تحقق الشرط وفي فرض وجوده، وأما أن مفهوم جملة الجزاء مترتب ومتفرع على مفهوم جملة الشرط فلا دلالة لها عليه، بل هو أمر يفهم من خصوصيات المقام والقرائن الخاصة، فعدم تفرع اليقين بالوضوء على عدم الاستيقان بالنوم لا يضر بكونه جزاء ذاك الشرط، وبعد ذلك فيستقيم المعنى كما عرفت.
فيكون قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " صغرى، كبراها قوله: " ولا ينقض اليقين أبدا بالشك "، وظاهر لفظ " اليقين " المذكور في الكبرى جنس اليقين، لعدم ثبوت لام العهد أولا، وأنه لو كان مراده خصوص اليقين بالوضوء لقيده به ثانيا، وأن تعقيب هذه الكبرى بقوله: " ولكن ينقضه بيقين آخر " يدل على أن سر عدم النقض هو أن اليقين لا يهدمه إلا يقين مثله، لأنه أمر مبرم لا ينتقض به الشك