وبالجملة أن عنوان الضرر لا يصدق في خصوص ما كان الوصول إلى الهدف المطلوب متوقفا على أمر طبيعته تحمل النقص في المال أو البدن أو العرض - وإن لم تلازمه دائما، كما في أداء الحج الواجب ببذل باذل - وهو يصدق على الوقوع في نقيصة لا تقتضيها طبع العمل الواجب، وإنما تقتضيها لو اقتضتها خصوصية بعض الموارد، فإن الوضوء - مثلا - في نوع المكلفين لا يوجب الضرر، وهو على مثلي إذا أوجب شقاقا في يدي يوجب الضرر، فيرفع وجوبه بحكومة قاعدة لا ضرر على إطلاق دليله.
وهذا الذي ذكرناه في مثل الخمس والجهاد ليس يرجع إلى أن الأجر والثواب المترتب على الطاعة يوجب عدم صدق الضرر، ولا إلى أن تدارك النقيصة وجبرانها يمنع صدقه، فإن الأجر تقدير وشكر لمن تحمل الضرر، والجبران والتدارك تأكيد لتحقق الضرر حتى قام مقام إعطاء عوض عنه، بل إن حقيقة ما ذكرناه - كما صرحنا به - هي أن الغاية المطلوبة متوقفة على تحمل نقص مالي أو بدني أو غيرهما، وإن تحمله واقع في طريق النيل إليها، فامتاز عما أفاده صاحب العوائد، ولم يرد عليه ما ذكره الشيخ الأعظم (قدس سره) هنا في رسالة قاعدة " لا ضرر " وفي الفرائد، والله سبحانه هو العاصم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
والحمد لله وحده.
وعن سيدنا الأستاذ المحقق الداماد (قدس سره) أنه أجاب عن الإشكال: بأن الأحكام التي تدل القاعدة على انتفائها ليست منحصرة في خصوص تلك الأحكام الضررية المستثناة عن العموم، وتلك التي تقتضي إطلاقات الأدلة ثبوتها حتى في مورد الضرر وتنتفي بمقتضى هذه القاعدة، بل إنها تعم كل ما يتصور من حكم يمكن جعله ويقبل أن تناله يد الجعل الاعتباري، وهي أفراد كثيرة غير محصورة، وحينئذ فاستثناء ما مر من أحكام الضمانات والكفارات والخمس والزكاة ونحوها ليس تخصيصا أكثر. انتهى.
والأمر في حديث عدم لزوم تخصيص الأكثر كما أفاده (قدس سره)، إلا أنه لا يبعد