أن يقال: إن لسان هذا العموم آب عن ورود هذه التخصيصات الكثيرة، فرفع الصوت بأنه ليس في قوانين الإسلام أحكام ضررية مع ما نرى من كثرتها متنافيان، وإن لم تبلغ في الكثرة حد تخصيص الأكثر.
ثم لو قلنا بلزوم التخصيص المستهجن لأدى إلى إجمال الحديث، فإن إلقاءه بصورة العموم مستهجن ممتنع، فنكشف أنه كان مع قرينة حالية أو مقالية متصلة توجب انعقاد ظهوره في غير العموم، ولم تنقل لنا هذه القرينة حتى يتبين لنا ظهور الحديث مع هذه القرينة، فيصير مجملا غير قابل الاستناد. وليست هذه القرينة متصلة حتى يقال: " إن دلالة تلك القرينة على هذه الأفراد والأحكام الضررية من قبيل الضمانات والكفارات متيقنة، وعلى أزيد منها مشكوكة، فالأصل عدمها " كما عن السيد الأستاذ (قدس سره)، بل هي لا محالة متصلة يقتضي الجهل بمقتضاها جهلا بالظهور المنعقد للعام وإجمالا فيه، ولم ينقل لنا لفظها لكي نقول: إن هذا المقدار الفلاني متيقن لا يزداد الخروج عنه ليصير الباقي متيقن الدخول تحت العام.
ثم إنك قد عرفت أن التحقيق عدم لزوم تخصيص كثير في عموم القاعدة، فتكون حجة قائمة في مورد الشك. كما أنه بناء على ما أفاده المحقق الخراساني (قدس سره) ومن تبعه من اختصاص مفادها بنفي الأحكام المجعولة على عناوين الأفعال في ما اقتضى ضررا صح التمسك بها، وحينئذ فلو قلنا ببطلان كلا هذين الوجهين وغيرهما ورأينا أن الصحيح إجمال الحديث لما أفاد عمل الأصحاب لنا لا اطمئنانا ولا ظنا بأن مورد عملهم كان مشمولا للحديث مع تلك القرينة، وذلك لاحتمال استناد الأصحاب أيضا إلى مثل ما اخترناه أو ما أفاده المحقق الخراساني (قدس سره) أو غيرهما، فكيف يحصل لنا الاطمئنان حتى نقول بحجية عملهم، كما عن سيدنا الأستاذ الداماد (قدس سره). والله الموفق للصواب.
الثالث: لا ينبغي الريب في أن ظاهر قوله (صلى الله عليه وآله): " لا ضرر... " انتفاء الحكم الشرعي مدار لزوم الضرر الشخصي لولاه، فإن الضرر عنوان ومفهوم لا يصدق إلا في ما كان مقومات حقيقته موجودة، كما في جميع المعاني والحقائق، فلا محالة لا