يخبر إلا عن انتفاء تلك الحقيقة، ويلزمه أن الشارع لم يشرع جواز إيرادها على الغير، ولا الالزام بعمل يوجبها، كما عرفت تفصيل بيانه.
وما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) في الفرائد " من أن ظاهر كلمات الأصحاب في بحث البيع المغبون فيه والشفعة يعطي أن الاعتبار بالضرر في نوع الموارد، وإن فرض عدم تضرره في خصوص مقام، كما إذا لم يوجد راغب في المبيع وكان بقاؤه ضررا على البائع لكونه في معرض الإباق أو التلف أو الغصب، وكما إذا لم يترتب على ترك الشفعة ضرر على الشفيع، بل كان له فيه نفع ". انتهى.
ففيه: أن دليل ثبوت الشفعة لا أقل من أنه ليس منحصرا في خصوص قاعدة لا ضرر، لو لم نقل بأنها لا تدل عليه، وأما خيار الغبن ففي الموارد المذكورة في كلامه لا يخلو الأمر من حالين: إما أن كون المبيع في معرض الإباق ونحوه أمر عارض على المبيع مطلقا وبالنسبة لكل أحد، وإما يعرضه لو كان في يد خصوص هذا البائع.
فعلى الأول فلا ريب في أن عروض مثل هذه العوارض دخيل في نقصان قيمة المبيع السوقية قطعا، فلا يصدق في بيعه حينئذ غبن حتى يكون مجال لخيار الغبن.
وعلى الثاني فقيمة المبيع في السوق باقية على ما كانت، ولا محالة بيعه بأقل منها يكون فيه ضرر شخصي على البائع من هذه الجهة، فعموم الحديث إن شمله كان فرعا على تحقق الضرر الشخصي، غاية الأمر أن الأخذ بمقتضى الخيار وفسخ العقد به ربما يوجب ضررا أعظم لا يقدم العاقل المتنبه عليه، وعلى أي حال فلا يلزم مجال لتوهم أن الملاك هو الضرر النوعي، كما لا يخفى.
الرابع: إذا دار الأمر بين ضرر المالك وضرر غيره - كما إذا أراد المالك حفر بالوعة لدفع فضولات المياه في داره واستلزمت ضررا على جاره - فهل يقدم أحدهما على الآخر، أو يكون الملاك رعاية أقواهما ضررا، ومع عدم الأقوائية يتخير، أو غير ذلك؟ احتمالات.