من ضم صغرى إخبار العادل عن وجوب السورة إلى كبرى حجية خبر العادل الثابتة في علم الأصول، فإن الحكم - المستنبط من ضم إحداهما إلى الأخرى - هو الوجوب الكلي للسورة، ولازمه أن تكون نافعة ووظيفة للمجتهد ولا حظ للمقلد فيها، وهذا الملاك بعينه موجود في الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية، فلا محالة يكون الاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية قاعدة ومسألة أصولية، وإن كان ما يجري في الشبهة الموضوعية قاعدة فقهية، مثل قاعدة الفراغ والتجاوز.
ففيه أولا: ما عرفت من أن انطباق قاعدة الاستصحاب في الشبهات الحكمية مثل انطباق قاعدة الطهارة فيها، وكلاهما مختص بالمجتهد، ولا يوجب صيرورة القاعدة مسألة أصولية.
وثانيا: أن ما يثبت بخبر العادل ليس أزيد من صدور الرواية عن المعصوم (عليه السلام)، وأما مفادها فلا يثبت إلا ببركة مسألة أصولية أخرى هي حجية ظواهر كلام المتكلم.
وثالثا: أن نتيجة القياس المذكور في كلامهما هي: أن وجوب صلاة الظهر أو السورة حجة أو يجب اتباعه، ومن المعلوم أنه ليس هو الحكم الذي يكون الفقيه بصدد استنباطه، فإن الفقيه إنما يستنبط أن " صلاة الظهر واجبة، والسورة واجبة " إلى غير ذلك.
بل الحق: أن خبر الثقة والظواهر وسائر الأمارات المعتبرة إنما هي طرق يحرز بها - بعد اعتبارها - ما قامت عليها، فيكون كما لو أحرزناها من طريق العلم الوجداني، بل قد مر منا أن العلم عرفا أعم من القطع ومؤدى الأمارات المعتبرة، فنحن نعلم بأن المعصوم قد قال هذا القول، وبأنه قد أفاد أن صلاة الجمعة واجبة، فالأمارات مرايا وطرقا توصلنا إلى الواقع، كما أن القطع يوصلنا إليه، والحكم الشرعي الإلهي مترتب على نفس الواقع ليس للأمارات إلا شأن الطريقية المحضة، لا أنها نفسها ولا مؤداها بما أنها مؤداها تمام موضوع ولا جزء