يراد بالموصول في " ما لا يعلمون " أيضا مصداق المخالفة، والمخالفة المجهولة بذاتها هي الأفعال الغير المعلومة العناوين، كما في الشبهات الموضوعية. وأما شرب التتن فهو أمر معلوم بنفسه، وإنما المجهول هو حكمه، وحكمه ليس مصداقا للمخالفة، ولا ثقله من هذه الجهة، فلا محالة يختص الحديث بالشبهة الموضوعية. هذا.
لكن التوهم مندفع بمثل ما مر في الإيراد الأول، فإن كون المرفوع في فقرات متعددة مصداقا للخلاف، وتقوم صدق الرفع فيها بالثقل الموجود في مثل مخالفة التكليف والعصيان لا يوجب استعمال الرفع في معنى خاص إلا في ما هو معناه المقابل للوضع، كما لا يوجب استعمال ألفاظ الموصولات وغيرها إلا في ما وضعت له، وانطباق ما يكره عليه ويضطر إليه مع حفظ صحة إسناد الرفع إليه في ما هو من مصاديق المخالفة للتكليف، حتى يكون رفعها عن الأمة من قبيل رفع المعاصي والذنوب المتحققة عن عاتقهم لا يوجب استعمال شئ من الألفاظ في غير ما وضعت له، وحينئذ فلا بد وأن يستعمل موصول " ما لا يعلمون " أيضا في معناه الموضوع له الشامل للحكم المجهول والموضوع، واتصال الصلة به لا يوجب ضيقا في عمومه كما عرفت، ولا كون رفعه كمصداق رفع المعاصي والذنوب.
وبالجملة: المفهوم في جميع الموارد واحد، واختلاف المصاديق لا يضر بوحدة المفهوم، ومعها فلا مجال لما توهم. هذا.
مضافا إلى أن الثقل الموجود في " ما لا يطيقون " من قبيل ثقل التكليف والمكلف به، فإن مصداق " ما لا يطيقون " هو الفعل المطلوب الذي كان يوجب على المكلف لو كان يطيقه، فثقله عليه إنما هو لمكان إلزامه به، فرفعه رفع لما هو ثقيل - لو لم يرفع - لمكان ثقل التكليف والإلزام، لا ثقل المخالفة والعصيان، فهذه الفقرة تكسر سورة وحدة السياق المتوهمة لو أغمضنا النظر عما ذكرناه أيضا، والله العالم.
ثم إن الحديث - كما عرفت - يدل بمدلوله المطابقي على أن الحكم المجهول