هل هو جميع الآثار، أو خصوص المؤاخذة، أو الأثر المناسب في كل مورد؟
ولتوضيح ما هو الحق نقدم أمورا:
الأول: أن محل البحث هو العناوين الطارئة الستة، أعني: الخطأ والنسيان وعدم العلم والإكراه والاضطرار وعدم الطاقة، ولا يهم البحث عن الثلاثة الأخر:
الحسد والطيرة والوسوسة.
الثاني: يشترط في المرفوع بحديث الرفع في جميع الموارد أمور:
أ: أن يكون أمرا شرعيا واقعا في حيطة التقنين والتشريع من الأحكام المجعولة، أو التبعات المترتبة عليها، فإنه لا ريب في أن الحديث متضمن لمثل هذه التشريعات، ولا يرتبط بالتصرفات التكوينية ونفي الآثار الخارجية، وإن كان الشارع المقدس هو الله الذي فاطر كل شئ وخالقه وربه، وبيده ملكوت كل شئ.
ب: أن يكون أمرا في ثبوته ثقل وكلفة على المكلف، سواء أ كان ثقل التكليف والإلزام، أم ثقل مخالفة التكليف والمؤاخذة عليها، وذلك لما عرفت من أن الحديث يصرح برفع هذه العناوين عن الأمة، ورفع شئ عن الشخص إنما يصح أن يقال في ما كان لهذا الشئ ثقل على الشخص، فيرفع هذا الثقيل عن عاتقه، فلا محالة لا يرفع به إلا ما كان ثقيلا، ولا يعم الرفع أثرا شرعيا ليس في ثبوته ثقل على المكلفين، سواء أكان فيه سعة ومنة أم لا.
ومنه تعرف أن نفس تعبير الحديث يقتضي أن يرفع به كل ثقيل ولا يعم غيره، ولا محالة يكون في رفعه منة، وفي إثباته ثقل وخلاف المنة، ولا نحتاج في الاستدلال على اعتبار ذلك فيه إلى أن نقول (1): إنه في مقام الامتنان، إلا أن القدر المتيقن منه خصوص الامتنان الموجود في رفع ما في إثباته خلاف المنة، بل إن نفس الرفع عن الإشخاص إنما يقال في مورد كان في إثباته ثقل، ولا محالة