حقيقة شرعا، بخلاف إسناده إلى الفعل فإنه مجاز عقلي، فإن الفعل متحقق خارجا ورفعه ادعائي، فإرادة الأعم من الموصول في " ما لا يعلمون " توجب الجمع بين نوعين من الإسناد ولا جامع بينهما (1). انتهى ملخصا.
ولعل مراده (قدس سره): أن لازمه إجمال المراد بهذا الموصول، فلا حجة في الحديث على البراءة في الحكم الإلزامي المجهول.
وفيه أولا: أن الممتنع - على القول به - هو استعمال اللفظ وما بحكمه في معنيين، وفي المجاز العقلي والإسناد إلى غير من هو له يستعمل لفظ المسند والمسند إليه وهيئة الجملة في نفس ما وضع كل منها له، وقوامه إنما هو بادعاء عقلي تصور معه، مثلا: أن الميزاب - في قولنا: جرى الميزاب - جار، وهذا الادعاء تصرف عقلي، وعليه فالجمع بين نوعين من الإسناد لا يلزم منه استعمال الألفاظ إلا في معنى واحد، ووقوع ادعاء عقلي في الإسناد إلى بعض المصاديق دون بعض مسألة لا توجب تفاوتا في نحو الاستعمال، ولا في المستعمل فيه، فإنها عمل وفعل عقلي لا بأس بتحققه بالنسبة إلى بعض المصاديق دون بعض آخر.
وثانيا: أن الحكم وإن كان أمرا قابلا للرفع حقيقة إلا أن رفع الحكم المجهول ليس إلا رفعا ادعائيا. كيف؟ ولو كان حقيقيا لزم التصويب المجمع على خلافه، مع أنه خلاف ظاهر نفس أدلة الأصول في الشبهات الحكمية والموضوعية، وعليه فإسناد الرفع إلى الحكم - في الشبهة الحكمية - والفعل - في الموضوعية - مجاز عقلي، وإسناد إلى غير ما هو له، بل الأمر كذلك لو أريد الحكم الجزئي المجهول في الشبهة الموضوعية، لما عرفت من أن ظاهر الأدلة - مثل قولهم (عليهم السلام): " كل شئ حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه " أن الحرمة الواقعية ثابتة عند الجهل بها أيضا، فلا محالة رفع الحرمة الجزئية المجهولة ليس رفعا لها بالحقيقة، بل هو من قبيل الإسناد إلى غير من هو له ومجاز عقلي.