وأما توهم عدم شمول الحديث لترك الواجبات لكونه أمرا عدميا، والرفع حيث إنه مساوق للنفي فلا محالة يقتضي أن يتعلق بأمر وجودي لكي ينزله منزلة المعدوم، ولا يعم الأعدام حتى ينزلها منزلة الوجودات فالحديث حديث رفع، لا حديث وضع. فممنوع: أولا: بما عرفت من أن الرفع في الحديث لا يرادف النفي، بل هو بمعنى الرفع عن عاتق المكلفين.
وثانيا: أنه قد تعلق بما يصدق عليه عرفا مفهوم الموصولات، ومن الواضح أن ترك الواجب من أكبر الأشياء في العرف، كيف وهو مصداق للعصيان والخلاف؟ ولا ريب في صدق الشئ بمفهومه العرفي عليه.
وثالثا: أنه لو تم فإنما يصح في غير الخطأ والنسيان، إذ هما بنفسهما قد تعلق بهما الرفع، وهما يعمان ما إذا كان أثرهما إتيان حرام أو ترك واجب. كما أنه لو أريد بهما ما يقع عنهما لشمل كلا الفعل الحرام وترك الواجب اللذين يقع عنهما وبسببهما، كما لا يخفى. هذا.
وأما التكليفيات غير المستقلة: كما إذا نسي السورة أو نسي فتكلم بكلام آدمي فالتكلم بالكلام الآدمي مصداق لما وقع عن نسيان، وهو ثقيل على المكلف، أو أن نسيانه ثقيل عليه، لأنه يوجب عليه إعادة ما أتى به من صلاته، وهكذا ترك السورة حرفا بحرف، فهذا الأمر الثقيل يرفع - بثقله - عن عاتق المكلف، ورفع ثقله لا يكون إلا بعدم أي ثقل على عاتقه من ناحية نسيانه، ولا محالة لا يجب عليه إعادة المأتي به، ولا يؤاخذ بمخالفته للتكليف الأولي.
وملاك شمول الحديث هنا لمورد النسيان - مثلا - أن يكون تدارك المنسي موجبا لإلزامه بإعادة شئ ما مما فعله وإتيانه ثانيا، فإن تحميل إتيانه عليه ثانيا ثقيل عليه، وحيث إنه يأتي ويتوجه عليه بسبب النسيان فيرفع بالحديث هذا الترك الثقيل بثقله عنه، فمقتضى حديث الرفع أنه لو نسي التشهد - مثلا - وقام وتذكر قبل ركوع الركعة التالية فبما أن تدارك التشهد يوجب إعادة ما أتى به من تسبيحاته الأربع في هذه الركعة فهو ثقل قد لزمه من نسيانه، فمقتضى الحديث رفع