فإطلاق دليله يقتضي ترتب جميع آثاره عليه، وأن يكون هو هو في محيط الشارع، فلا محالة يسقط الإعادة والقضاء، وإلا فإن رتب وجوب الاضطراري على العجز عن الاختياري كما في قوله تعالى: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) * (1) وقوله تعالى: * (فلم تجدوا ماء فتيمموا... إلى آخره) * (2) - مع قطع النظر عن أنه من قبيل الأول - فظاهر أمثال هذه التركيبات أن المتكلم الآمر اكتفى بهذا البدل عن المبدل، فيدل على عدم وجوب الإعادة والقضاء. أما الإعادة فبمقتضى البدلية المفهومة، وأما القضاء المرتب على فوت المطلوب الأول، ففيما جاز البدار وكان الموضوع مطلق العذر فلأن ظاهر دليل القضاء اختصاصه بغيره وانصرافه عما إذا أتى ببدله واكتفى المولى به فلم يوجب نفس العمل في الوقت مع تمكن المكلف من إتيانه، وفيما لم يجز البدار وكان الموضوع العذر المستوعب فلأن ظاهر دليله منصرف عما إذا أتى المكلف ببدله الذي جعله المولى وظيفته عند الاضطرار.
ومنه تعرف ما في كلام سيدنا الأستاذ - مد ظله - من النظر، حيث جعل جميع الموارد من القبيل الأول، ولم يصحح وجها للإجزاء سواه ومثله المحقق صاحب نهاية الدراية، حيث لم يتصور الوجه الأخير، فراجع كلامهما (3) شكر الله تعالى سعيهما.
نعم، إذا قلنا بقاعدة " الميسور " فغاية مفادها إيجاب الميسور من غير دلالة فيها على الاكتفاء به عن الإعادة والقضاء، ولا سيما إذا قلنا بعدم اعتبار صدق عنوان " الميسور " على الميسور في جريانها كما هو الحق، وذلك واضح للمتدبر.
ثم إن المحقق صاحب المقالات ذكر في تقريب الإجزاء في القبيل الأول وجها أتى إليه من قبل المصلحة، فقال: إن مقتضى سوق أدلة الاضطرار حيث كانت في مقام تعيين مصداق الطبيعة المأمور بها أن يكون العمل الاضطراري